الرد الشافي لمن يأذن بالخروج على ولي الأمر
السلام عليكم
هذا ردا لمن يسأل عن هل للشخص أن يخرج على ولى امره وإن كان ظالم وما موقف المسلم من ولي الأمر وإن كانت هناك معاصي كوجود الخمور والزنا والعياذ بالله وما الحل مع ولي الأمر إذا كان لايأمر بمعصية والفرق بين وجود المعصية والأمر بالمعصية
ليكون الجواب مقرون بالأدلة:
طاعة ولاة الأمر وعدم الخروج عليهم
ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمرنا، وإن جاروا. ولا ندعو عليهم، ولا ننزع يدا من طاعتهم، ونرى طاعتهم من طاعة الله -عز وجل- فريضة ما لم يأمروا بمعصية، وندعوا لهم بالصلاح والمعافاة.
هذا معتقد أهل السنة والجماعة، أنهم لا يرون الخروج على ولاة الأمور بالمعاصي، ولو جاروا ولو ظلموا؛ لأننا لا نرى الخروج عليهم، ولا ننزع يدا من طاعتهم، ولا نؤلب الناس على الخروج عليهم، وندعوا لهم، ولا ندعوا عليهم ندعوا لهم بالصلاح والمعافاة هذا معتقد أهل السنة والجماعة؛ ولهذا أدخله المؤلف -رحمه الله-في كتب العقائد.
إذن مذهب أهل السنة والجماعة، عدم الخروج على ولاة الأمور بالمعاصي، ولو جاروا، ولو ظلموا هذا من أصول أهل السنة والجماعة، عدم الخروج على الأئمة، ولو جاروا ولو ظلموا خلافا لأهل البدع من الخوارج والمعتزلة والرافضة.
الخوارج يرون الخروج على ولاة الأمور بالمعاصي، إذا عصى ولي الأمر يرون كفره وقتله، وإخراجه من الإمامة هذا من؟ مذهب الخوارج؛ لأنه يرونه كافرا إذا فسق ولي الأمر إذا شرب الخمر ولي الأمر، يقول الخوارج: هذا يجب قتله والخروج عليه، وإزالته من الإمامة؛ لأنه كافر، أو تعامل بالربا، أو ظلم بعض الناس بغير حق يقولون يجب الخروج عليه وقتله، وإخراجه من الإمامة هذا مذهب باطل هذا مذهب الخوارج، وكذلك المعتزلة يرون أن ولي الأمر إذا فسق، أو شرب الخمر يجب الخروج عليه؛ لأنه خرج من الإيمان ودخل في الكفر، ويخلدونه في النار.
وكذلك الرافضة يرون الخروج على ولاة الأمور للمعاصي؛ لأنهم يرون أن الإمامة باطلة هؤلاء الرافضة لا يرون الإمامة إلا للإمام المعصوم، وما عداه فالإمامة باطلة، ومن هو الإمام المعصوم عند الرافضة اثنا عشر إماما، اثنا عشر إماما نص عليهم الرسول -عليه الصلاة والسلام- كلهم من سلالة الحسين بن علي، يكون الإمام الأول الذي نص عليه النبي -صلى الله عليه وسلم-هو علي بن أبي طالب، ثم نص على أن الخليفة بعده الحسن بن علي، ثم الحسين بن علي، ثم الأئمة التسعة كلهم من سلالة الحسين: علي بن الحسين زين العابدين، محمد بن علي الباقر، جعفر بن محمد الصادق، موسى بن جعفر الكاظم، علي بن موسى الرضا، محمد بن علي الجواد، علي بن محمد الهادي، الحسن بن علي العسكري، ثم الإمام الثاني عشر محمد بن الحسن الخلف الحجة المهدي المنتظر الذي دخل سرداب سامراء بالعراق سنة ستين ومائتين ولم يخرج إلى الآن.
هؤلاء الأئمة منصوصون معصومون، وما عداهم؛ فإمامته باطلة يجب خلعه، وإزالته عن الإمامة مع القدرة؛ فإذن يرون الخروج على كل إمام هذا معتقد الرافضة، يسمون الإمامة الاثنا عشرية، ويسمون الإمامية، ويسمون الرافضة، ويسمون الجعفرية هذه كلها أسماء لهم، يرون الخروج على ولاة الأمور؛ لأن إمامتهم باطلة، ولا تصح الإمامة إلا للإمام المعصوم، وهم هؤلاء الاثنى عشر، ويرون أن إمامة أبي بكر، وعمر، وعثمان باطلة يقولون إن هؤلاء إمامتهم باطلة؛ لأنهم ارتدوا وكفروا وفسقوا بعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأخفوا النصوص التي هي النص على أن الخليفة بعده علي، فيكون إمامة أبي بكر باطلة؛ لأنه جائر وظالم، وإمامة عمر باطلة؛ لأنه جائر وظالم، وإمامة عثمان باطلة؛ لأنه جائر وظالم، ثم وصلت النوبة إلى الخليفة الأول، وهو علي بن أبي طالب، وهذه هي الإمامة بحق.
إذن أهل السنة والجماعة لا يرون الخروج على ولاة الأمور بالمعاصي، خلافا لأهل البدع من الخوارج والمعتزلة والرافضة، والأدلة على هذا كثيرة، من الأدلة على أنه لا يجوز الخروج على ولاة الأمور بالمعاصي قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ أمر الله بطاعة ولي الأمر والخروج عليه ينافي طاعته، وفي الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: من أطاعني، فقد أطاع الله، ومن عصاني، فقد عصى الله، ومن يطع الأمير، فقد أطاعني، ومن يعص الأمير، فقد عصاني هذا فيه النهي عن عصيان ولي الأمر والأمر بطاعته، ولكن هذا عند العلماء مقيد بما إذا لم يأمر بمعصية، كما في حديث أبي ذر، ومن الأدلة حديث أبي ذر أنه قال: إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع، وإن كان عبدا حبشيا، مجدع الأطراف وفي لفظ ولو لحبشي كأن رأسه زبيبة ومن الأدلة: ما في الصحيحين عن النبي -صلى الله عليه وسلم-أنه قال: على المرء السمع والطاعة، فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية؛ فإن أمر بمعصية، فلا سمع، ولا طاعة .
هذا قيد لكل دليل عام يأمر بطاعة ولي الأمر، إذا أمر بمعصية ولي الأمر، بأن تشرب الخمر، ما تطيعه لكن لا تخرج عليه، ولا تؤلب الناس عليه، ولا تنزع يدا من طاعته لكن لا تطيعه في هذه المعصية، أمرك بالتعامل بالربا لا تطيعه أمرك بأن تقتل نفسا معصية لا تطيعه، الأمير أمرك بالمعصية لا تطيعه، والدك إذا أمرك بمعصية لا تطيعه، الزوجة إذا أمرها زوجها بمعصية لا تطيعه، العبد إذا أمره سيده بالمعصية لا يطيعه لا أحد يطاع في معصية، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق لكن كونك لا تطيع ولي الأمر في معصية، ليس معنى ذلك أنك تتمرد عليه، وأنك تخرج عليه، وأنك تؤلب الناس عليه لا المعنى أنك لا تطيعه في هذه المعصية، لكن ما عداها تسمع له، وتطيع كذلك الولد لا يتمرد على أبيه لكن إذا أمره بالمعصية لا يطيعه في المعصية، وما عداها يطيعه، الزوجة لا تتمرد على زوجها لكن إذا أمرها بالمعصية لا تطيعه، لكن تطيعه فيما عدا ذلك، العبد لا يتمرد على سيده، لكن إذا أمره بالمعصية لا يطيعه، لكن يطيعه فيما عدا ذلك. واضح.
هذا ما أحد يطاع في المعاصي، المعاصي لا أحد يطاع فيها لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وقال -عليه الصلاة والسلام- إنما الطاعة في المعروف وثبت في صحيح البخاري أن النبي -صلى الله عليه وسلم-بعث سرية، وأمر عليها رجلا من الأنصار، فلما كان في بعض الطريق أغضبوه، أغضبوا أميرهم، فقال لهم: اجمعوا حطبا، فجمعوا حطبا، ثم قال: أججوها نارا، فأججوها نارا، ثم قال ادخلوا فيها، فنظر بعضهم إلى بعض، وقالوا: أسلمنا، وجئنا إلى رسول الله خوفا من النار، فكيف ندخل في النار، فلم يدخلوا في النار، وتركوه حتى سكن غضبه، فلما وصلوا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبروه قال: لو دخلوا فيها، ما خرجوا منها، إنما الطاعة في المعروف .
هذا أمر بمعصية، قال: ادخلوا النار، هذه معصية لا يجوز لإنسان أن يحرق نفسه، لو دخلوا فيها ما خرجوا منها هذا وعيد إنما الطاعة في المعروف .
ومن الأدلة حديث حذيفة الطويل، وفيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: تلزم جماعة المسلمين، وإمامهم، قلت: يا رسول الله، فإن لم يكن لهم جماعة، ولا إمام، قال: فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض على أصل شجرة، حتى يأتيك الموت، وأنت على ذلك .
ومن الأدلة حديث ابن عباس -رضي الله عنهما من رأى من أميره شيئا يكرهه، فليصبر؛ فإنه من فارق الجماعة شبرا، فمات فميتته جاهلية وفي رواية، فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه هذا الحديث دليل على أن الخروج على ولاة الأمور من كبائر الذنوب، حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إذا بويع لخليفتين، فاقتلوا الآخر منهما ومن أقوى الأدلة على أنه لا يجوز الخروج على ولاة الأمور، حديث عوف بن مالك الأشجعي في صحيح مسلم، انتبهوا للحديث حديث عوف بن مالك الأشجعي في صحيح مسلم، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: خيار أئمتكم الذين تحبونهم، ويحبونكم، وتصلون عليهم، ويصلون عليكم .
يعني: تدعون لهم، ويدعون لكم وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم، ويبغضونكم، وتلعنونهم، ويلعنونكم، قلنا: يا رسول الله، أفلا ننابزهم بالسيف؟ قال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة ثم قال النبي -صلى الله عليه وسلم- ألا من ولي عليه وال، فرآه يأتي شيئا من معصية الله، فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعن يدا من طاعة هذا صريح، والحديث دليل على أن ترك الصلاة كفر؛ لأنه قال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة فمفهومه أنهم إذا لم يقيموا الصلاة، فهم كفار، يجوز الخروج عليهم، ثم قال ألا من ولي عليه وال فرآه يأتي شيئا من معصية الله، فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعن يدا من طاعة صريح بأنك إذا رأيت من ولاة الأمور شيئا تكرهه تكره المعصية، ولكن لا تخرج على ولاة الأمور.
الحكمة من المنع من الخروج على ولاة الأمور، ولو فعلوا المعاصي، ولو فعلوا الكبائر، العلماء ذكروا هذه الحكمة، واستنبطوها من النصوص، وهذه الحكمة داخلة تحت قاعدة اجتماع المفاسد والمصالح، وأنه إذا القاعدة الشرعية، إذا وجد مفسدتان لا يمكن تركهما؛ فإننا نرتكب المفسدة الصغرى لدفع الكبرى، وإذا وجد مصلحتان لا يمكن فعلهما نفعل المصلحة الكبرى، وندفع المصلحة الصغرى.
فمثلا يترتب على الخروج على ولاة الأمور مفاسد، من هذه المفاسد أنه تحصل الفوضى والفرقة والاختلاف والتناحر والتطاعن والتطاحن، وإراقة الدماء وانقسام الناس واختلاف قلوبهم وفشل المسلمين، وذهاب ريح الدولة، ويتربص بهم الأعداء الدوائر، ويتدخل الأعداء، وتحصل الفوضى واختلال الأمن، وإراقة الدماء، واختلال الحياة جميعا واختلال المعيشة، اختلال الحياة السياسية، اختلال الحياة الاقتصادية، اختلال الحياة التجارية، اختلال التعليم، اختلال الأمن تحصل الفوضى، وتأتي فتن تأتي على الأخضر واليابس، أمور عظيمة، هذه مفسدة عظيمة، أي هذه المفسدة، هي كون ولي الأمر فعل مفسدة، ظلم بعض الناس، أو سجن بعض الناس، أو شرب الخمر، أو ما وزع بعض المال، أو حصل منه فسق هذه مفسدة صغيرة نتحملها، يتحملها المسلم في أي مكان، وفي أي زمان، لكن الخروج عليه هذه مفاسد يترتب عليها فتن تأتي على الأخضر واليابس، فتن ما تنتهي.
فالقاعدة قواعد الشريعة أتت بدرء المفاسد وجلب المصالح، وأتت بدرء المفاسد الكبرى وارتكاب المفاسد الصغرى، فكون الولي ولي الأمر حصل منه جور، أو ظلم، أو فسق هذه مفسدة صغرى لكن الخروج عليه يترتب على هذا مفاسد لا أول لها، ولا آخر واضح هذا وكذلك -أيضا- من الحكم أن ولاة الأمور إذا حصل منهم جور، فهذا نصبر عليهم، والصبر عليهم، فيه حقن لدماء المسلمين، ثم -أيضا- فيه تكفير للسيئات؛ لأن تسليط ولاة الأمور على الناس بسبب ظلم الناس، وبسبب فساد أعمالهم وكما تكونوا يولى عليكم، فإذا أراد الناس أن يدفع عنهم فساد ولاة الأمور، وأن يصلح الله لهم ولاة الأمور، فليصلحوا أحوالهم.
ارجع إلى نفسك، أصلح نفسك تب إلى ربك، ولاة الأمور ما سلطوا عليك إلا بسبب معاصيك، كما قال -سبحانه وتعالى- فإن الله ما سلطهم علينا إلا لفساد أعمالنا، والجزاء من جنس العمل، فعلينا الاجتهاد بالاستغفار والتوبة، وإصلاح العمل كما قال الله تعالى وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وجور الولاة وظلم الولاة بسبب كسب الرعية، فإذا أراد الرعية أن يصلح الله لهم ولاة الأمور، فليصلحوا أحوالهم؛ وليتوبوا إلى ربهم، وقد قال الله -عز وجل- لخيار الخلق، وهم الصحابة أفضل الناس بعد الأنبياء، قال الله لهم في غزوة أحد: أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ .
لما حصلت النكسة والهزيمة على المسلمين في غزوة أحد، وقتل منهم سبعون قالوا كيف؟ يحصل هذا كيف يقتل من قال الله تعالى أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا في بدر أنتم في أحد قتل منكم سبعون، لكن في بدر أصبتم مثليها قتلتم سبعين وأسرتم سبعين أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ يعني: في أحد قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا في بدر قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا من أين جاءنا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ من عند أنفسكم بسبب المعصية، التي حصلت من الرماة، لما أخلوا بالموقف، فإذا كان خيار الناس بعد الأنبياء يقال لهم مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ فكيف بنا الآن؟ المصيبة التي حصلت على المسلمين في غزوة أحد يقول لهم الرب: مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ .