من يزورون اليمن من الأشقاء
والأصدقاء وتتاح لهم الفرصة
للتجول بين محافظاته
ومناطقه، لاشك أن حالة من
الاستغراب والدهشة تلفُّهم
جراء تطوع بعض اليمنيين
في نقل صورة خاطئة
ومغلوطة عن بلادهم إما عبر
أحاديثهم لوسائل الإعلام أو
خطابهم السياسي السوداوي
الذي تتلقفه الفضائيات وتقوم
بالترويج له معتمدة على ما
يطرحه هذا البعض دون وعي
أو إدراك بالأضرار الكارثية
التي يتسببون فيها بحق
وطنهم ومجتمعهم جراء تلك
الصورة السلبية والمشوهة
التي يسعون إلى رسمها لدى
الآخرين عن الأوضاع في
بلادهم!. وتتضاعف دهشة
هؤلاء الأشقاء والأصدقاء أكثر
حينما يجدون على أرض
الواقع صورة مغايرة لما
يتردد عن اليمن في بعض
الوسائل الإعلامية من معلومات
ملفقة وتهويل وتضخيم لبعض
الحوادث التخريبية والإرهابية
والمحصورة في بعض
المديريات، في حين أن اليمن
بعمومه آمن ومستقر وينعم
بمناخات هادئة وحركة تنموية
دؤوبة، وأن ما يجري فيه من
حوادث عرضية هي جرائم
جنائية لا يخلو منها أي مجتمع
ولا تستحق كل ذلك التهويل
الذي ما كان له أن يصل إلى
ذلك المدى من الإثارة لولا أنه
وجد من يغذيه ويعمل على
تأجيجه من بعض السياسيين
والحزبيين الذين يطلقون
الأحاديث على عواهنها
ويسيئون بها إلى وطنهم
وعلى نحو يثير أكثر من
علامة استفهام لدى كل من
يزورون اليمن خاصة وأنهم لا
يجدون تفسيراً لمثل ذلك
النزوع غير المسبوق في أي
بلد آخر!!. والمؤكد أن من
يستغربون حدوث مثل هذه
الممارسات من قبل بعض
المحسوبين على هذا الوطن
ويحملون هوية الانتماء إليه
وينعمون بخيراته، لديهم كل
الحق إذا ما أصابهم الذهول
ووجدوا صعوبة في استيعاب
مثل هذه التصرفات، إذ كيف
لعاقل أن يبرر لأي يمني
طعن وطنه من الظهر أو أن
يجد أي عذر يمكن أن يشفع
له تعمد الإساءة لوطنه
والتعريض به؟!!. وإذا ما كان
هذا الاستهجان هو ما بات
يتردد على ألسنة أناس لا
ينتمون إلى هذا الوطن ولا
يحملون هويته ولا تربطهم به
سوى رابطة التقدير والاحترام
المتبادل، فإن من المؤسف
حقاً أن يغدو الآخرون أكثر
غيرة على هذا الوطن من
بعض بنيه، وأكثر حرصاً على
سمعة اليمن من ثلة تدعي
انتماءها إليه!!. وسواء كان
دافع هؤلاء هو البحث عن
الشهرة وحب الظهور أو
الرغبة في تصفية بعض
الحسابات السياسية والحزبية،
فإنهم ومن خلال هذه
الحماقات ينتقمون من الوطن
وأبنائه ويلحقون الضرر
بمسيرته التنموية وتوجهاته
الاقتصادية ويعملون على
تعطيل كل الخطط والبرامج
الهادفة إلى مكافحة الفقر
والحد من البطالة وتحسين
الأوضاع المعيشية للمواطنين.
وليس سراً أن من يبنون
خطابهم الإعلامي والسياسي
على قاعدة التضخيم والتهويل
وقلب الحقائق والتشويه
المتعمد للأوضاع في اليمن
ومحاولة تصوير ما يجري
في هذا البلد بصورة مضللة،
هم من غاب عنهم أنه ولولا
هذا الوطن الذي ينعتونه بأقذع
النعوت والألفاظ ويسعون
جاهدين إلى التشهير به
والانتقاص من منجزاته
والتطاول على سيادته
وشرعية مؤسساته الدستورية،
لما أمكنهم الظهور في
القنوات الفضائية ولا على
المنابر السياسية، فهذا الوطن
الذي يتبجحون عليه ويعملون
على تخويف المستثمرين من
القدوم إليه والاستثمار فيه،
هو من منحهم الحرية والحياة
الكريمة ووفر لهم الفرص
المواتية للتعبير عن آرائهم
بكل حرية ودون أن تكمم
أفواههم أو يُزج بهم في
غياهب السجون. والمحزن أن
يقابل هؤلاء كل ذلك العطاء
بالعقوق والجحود والنكران.
ومع ذلك يبقى عزاء الوطن
في هؤلاء أنهم لا يمثلون
شيئاً أمام الغالبية العظمى من
أبنائه الشرفاء والصادقين
والمخلصين الذين ترتفع
هاماتهم في السماء اعتزازاً
وافتخاراً بيمنيتهم وانتمائهم
لهذا الوطن الذي سيظل
شامخاً وعزيزاً وكريماً ولو
كره الكارهون