أعوذ بالودّ الذي بيننا... أن يفسد الأول بالآخر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
العفو
والتجاوز
وكظم
الغيظ
:-----------------------
هنيئاً لمن وهبه الله هذه الصفات ، ليجد لذتها ، وأثرها في تهذيب نفسه ، لأنه قادر على مخالفة أهواء النفس الأمّارة بالسوء ، وكلما كان
العفو
وكظم
الغيظ
مع القدرة على
العقوبة كان ذلك بالمرء أجمل ، وقد حبب الله سبحانه وتعالى هذه الصفات إلى عباده ، حيث قال عز من قائل : ( والكاظمين
الغيظ
والعافين عن الناس والله يحبّ المحسنين ).
*****
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مازاد الله عبداً بعفو إلا عزاً ).
وقال عليه الصلاة والسلام : ( من لا يرحم لا يرحم ، إنما يرحم الله من عباده الرّحماء ).
وقال عليه الصلاة والسلام : ( ما نزعت الرحمة إلا من شقيّ ).
وقال عليه الصلاة والسلام : ( ارحموا ترحموا ، واغفروا يغفر الله لكم ).
وعنه صلى الله عليه وسلم : ( ارحموا من في الآرض يرحمكم من في السماء ).
وفي الأثر المرفوع أنه : ( ينادي المنادي في بعض مواقف القيامة ، ليقم من له عند الله ما يحمد له ، فلا يقوم إلا من عفا ).
وفي الحديث أيضاً : ( إن الله عفوّ غفور يحبّ
العفو
عن عباده ).
وقال صلى الله عليه وسلم : ( أقيلوا ذوي الهيئات زلاتهم ).
*****
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أفضل
العفو
عند المقدرة ، وأفضل القصد عند الجدة.
قال سعيد بن المسيّب : لأن يخطىء الإمام في
العفو
خير من أن يخطىء في العقوبة.
قال جعفر بن محمد : لأن أندم على
العفو
خير من أن أندم على العقوبة ).
*****
طلب عبد الملك بن مروان رجلاً فأعجزه ثم ظفر به ، فقال رجاء بن حيوة : يا أمير المؤمنين.. قد صنع الله ما أحببت من ظفرك به ، فاصنع ما أحبّ الله من عفوك عته.
قال رجل للمنصور حين ظفر بأهل الشام ، وقد أجلبوا عليه وخالفوه مع عبدالله بن علي : الانتقام عدل ،
والتجاوز
فضل ، ونحن نعيذ أمير المؤمنين بالله أن يرضى لنفسه
بأوكس النصيبين ، ولا يبلغ أرفع الدرجتين.
كان يقال : أولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة ، وأنقص الناس عقلاً من ظلم من هو دونه.
قال المهلب بن أبي صفرة : خير مناقب الملوك
العفو
. قال المأمون : وددت أن أهل الجرائم عرفوا رأيي في
العفو
، فسلمت لي صدورهم.
قال معاوية رحمه الله : ما وجدت شيئاً ألذ عندي من غيظ أتجرعه ، ولم يعرف قيمة الأبّهة من لم يجرّعه الحلم غصص
الغيظ
. *****
اعتذر رجل إلى الهادي فقال : يا أمير المؤمنين.. إقراري بما ذكرت يوجب عليّ ذنباً لم أجنه ، وردّي عليك لا أقدم عليه لما فيه من التكذيب لك ، ولكني أقول :
فإن كنت ترجو في العقوبة راحة.... فلا تزهدن عند المعافاة في الأجر
قال منصور الفقيه :
وقال نبينا فيــــــــما رواه... عن الرحمن في علم الغيوب
محال أن ينال
العفو
من لا... يمن على أهـــــــــل الذنوب
وقال آخر :
فهبني مسيئاً كالذي قلت ظالـماً.... فعفو جميل كي يكون لك الفضل
فإن لم أكن للعفو أهلاً لسوء ما.... أتيت به جهلاً فأنت لـــــــه أهل
ومما ينسب إلى عمرو بن العاص :
وبعض انتقاء المرء يزري بعقله.... وإن لم يقع إلا بأهــــل الجرائم
وذكر ذنــــوب الوغد ترفع ذكره.... فدعه صريع النوم تحت القوادم
وفي معنى هذا البيت الأخير ، قول ذي الرّمّة :
قيل لي : قد هـجاك مولى زياد.... فأجبه ، فقلت : ليس بــكفوي
لست أهـجوه إنه خامل الذكــــ.... ر لعل الخسيس يعــلو بهجوي
هو كــالكلب ينبح الليث رعـباً.... فذروه يهرّ بعدي ويــــــــعوي
هو من سطوتي وبأس هجائي.... في أمان ما بين حلمي وعفوي
كتب علي بن الجهم إلى الحسن بن وهب :
إن تعف عن عبدك المسيء ففي.... فضلك مأوًى للصفح والمنن
أتيت مـــــــــــا أستحق من خطإ.... فجد بمـــا تستحق من حسن
فجاوبه الحسن بن وهب بأبيات منها :
أعوذ بالودّ الذي بيننا... أن يفسد الأول بالآخر
وقال آخر :
ألا إن خير
العفو
عفو معجل.... وشرّ العقاب ما يجاز به القدر
وقال أعرابي :
يا ربّ قد حلف الأقوام واجتهدوا.... أيمانهم أنني من ساكني النار
أيحلفون على عميـــــــاء ويحهم.... جهلاً بعفو عظيم
العفو
غــفار
وقال آخر :
يا ربّ عفوك عن ذي توبة وجل.... كأنه من حذار النار مجنون
قد كان قــــــــــدّم أعمالاً مقاربة.... أيام ليس له عـقل ولا ديــن
والله وليّ التوفيق