الحمد لله أحمده حمدا يليق بذاته, وأصلي وأسلم على سيدنا رسول الله صلاة وسلاما تليقان بذاته الكريمة, وبعــــــــــــــــــــــــد
أرحب بكم إخواني الأعزاء, وأدعو الله العلي القدير أن يفقهنا في ديننا, وأن يعلمنا ما ينفعنا, وأن ينفعنا بما علمنا,... آمين.
حين وقع سيدنا يونس -عليه السلام- في محنته داخل بطن الحوت دعا ربه فقال " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " فاستجاب الله دعائه على الفور حيث قال " فاستجبنا له ونجيناه من الغم " وفي آيات أخرى قال " فلولا أنه كان من المسبحين. للبث في بطنه إلى يوم يبعثون. فنبذناه بالعراء وهو سقيم. وأنبتنا عليه شجرة من يقطين. وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون. فآمنوا فمتعناهم إلى حين " الصافات.
وإذا نظرت أخي الكريم وأمعنت النظر, ثم سألت سؤالا ما هو اليقطين ؟ ولماذا إختاره الله ليكون غذاء لسيدنا يونس ؟
تأتي الإجابة من أهل العلم رحمهم الله, حيث قالوا أن اليقطين هو القرع, وقد اختاره الله لأن شجرة القرع تتميز بالمميزات الآتية :
1- ورقـــــه : يتميز بكثرته وكبره, فكان يحميه من حرارة الشمس الحارقه في هذه الفلاة التي لا زرع فيها ولا بناء يستتر به من حرارة الشمس.
2- ورقـــــه : أملس, صارف للذباب, فلا يحبه ولا يقربه, فكان حماية لسيدنا يونس من الذباب وأذاه.
3- ثمــــــره : يتميز بأنه يؤكل بمجرد أن يظهر, فلا حاجة لإنتظاره حتى ينضج, ويؤكل نيئا ومطبوخا.
4- سهل المأخذ : فلم يتكلف سيدنا يونس جهدا في تناوله.
5- سهل الهضم : فلا يكلف المعدة جهدا في هضمه.
6- يمنع العطش : فلا يحتاج آكله لشرب الماء.
7- يعدل المزاج.
8- يدفع الحرارة : وخاصة ماؤه, ولذلك ينصح بتناوله لمن يعاني من حمى في الجوف _ حموضة زائدة _.
فقال أهل العلم أن الله عز وجل قد جمع له في شجرة اليقطين الغذاء والمأوى والشفاء.
فالناظر في حال سيدنا يونس حينما نبذه الحوت, لوجد أنه كان يعاني من أمور ثلاث, الإعياء والعراء والهزال.
قال ابن عباس _حبر الأمة وترجمان القرآن_ رضي الله عنه كان كالطفل الرضيع, وقال ابن مسعود رضي الله عنه كان كالفرخ منتوف الريش.
وقد كان النبي _صلى الله عليه وسلم_ كما في سنن النسائي يحب اليقطين, ويقول شجرة أخي يونس.
وفي صحيح البخاري عن أنس ابن مالك رضي الله عنه قال : دعى خياط النبي_صلى الله عليه وسلم_ إلى طعام فوضع له خبزا من شعير, ومرقا به يقطين _وفي لفظ دباء وهو اليقطين_ فكان النبي_صلى الله عليه وسلم_ يتتبع اليقطين في القصعة ويأكله, فلما رأيته منذ ذلك الحين وأنا أحب اليقطين.
فكان فضل الله على سيدنا يونس عظيما, فما السبب الذي جعل الله عز وجل ينعم عله بكل هذه النعم ؟
إنه دعاء دعاه في الظلمات الثلاث, ظلمة الليل البهيم وظلمة البحر العميق وظلمة بطن الحوت, فقال " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " فجمع هذا الدعاء بين الثناء والتنزيه والإعتراف بالذنب, فكانت الإجابة السريعة من الله " فاستجبنا له ونجيناه من الغم ".
وإذا تبادر إلى الذهن سؤال هل هذه كانت ليونس خاصة ؟ أم هي للمؤمنين عامة ؟ يأتي الجواب من الله في نفس الآية "... وكذلك
ننج ِ المؤمنين " أي من كان على شاكلته.
ولذلك قال النبي-صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح, هو دعاء ما دعى به مؤمن إلا استجيب له دعاء يونس لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.
جمعنا الله على الخير والعلم آمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته