سلام عليكم بما صبرتم
محمد بن مشعل العتيبي
ما رأيك لو خصك عظيم من عظماء الدنيا بتحية خاصة ، وأثنى عليك ، قبل أن تلج إلى قصر وارف أعده لك لقاء ما طلبه منك ؟!
شعور خيالي ستشعر به حينها !
تأمل معي قول الله عز وجل : ( سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ).
يا الله الملائكة تحييك أيها المؤمن ، وتسلم عليك ، وأين ؟! في الجنة ، التي أعدها الله لك.
نعيم الدنيا كله يتلاشى أمام نعيم الجنة وما فيها ، من رؤية الله عز وجل ، ومجاورة الأنبياء ، ( فيها ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ).
ولكن متى تلج هذه الدار ؟!
بعد أن تصبر نفسك على طاعة الله ، وحينها تسلم عليك ملائك الرحمن ، بل تتمتع برؤيته جل جلاله في نعيم لا يصل إليه نعيم ، فهو أنعم ما في الجنة.
ولكن تذكر : ( بما صبرتم ).
فاصبر على طاعة الله وأدها أحسن أداء ، واصبر عن معصية الله واعلم أنها سبب للحرمان من رؤية الله عز وجل.
واعلم أن الصبر مفتاح أساسي لأبواب الجنان : (وجزاهم بما صبروا جنة وحريراً ) ، (أولئك يجزون الغرفة بما صبروا، ويلقون فيها تحية وسلاماً ).
وهو من قبل ذلك مفتاح أساسي للوقاية من الفتن والثبات على هذا الدين : ( لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيراً، وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور ).
(تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك. ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين ).
يكفي أن تعلم أيضا أن الله معك أيها الصابر على دينه : ( واصبروا إن الله مع الصابرين ) ومن كان الله معه فمن أي شيء يخاف ، وعلى أي شيء يحزن.
وأن الله جمع لك ثلاث لم يجمعها لغيرك : ( أولائك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولائك هم المهتدون ).
بل ادخر لك الأجر والثواب ، وما ضنك بالكريم الذي لا تنفد خزائنه ، ويده بالخير سحاء ، ينفق كيف يشاء ، يقضي لكل واحد مسألته ولا يبالي ، ما ظنك به جل جلاله إذا ادخر لك شيئا ؟! ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب )
حين تتأمل الصبر في القرآن ومواضعه التي زادت عن المئة موضع تدرك قيمته ومنزلته وأنه مفتاح رئيسي للنجاة من الفتن ولمداومة الطاعات ولمواجهة منكري الدعوات وللبعد عن المعاصي وللثبات عند المصيبة بل وللإمامة في الدين وللنصر على الأعداء ولدخول الجنة.
حين تتأمل ذلك ثم تجاهد نفسك على التحلي بهذا الخلق الفاضل :
حينها فقط : فلتستعد لذلك السلام النوراني : ( سلام عليكم بماصبرتم فنعم عقبى الدار )