بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الغنائم أيها النائم
إن كل أحد سيوصي أبناءه وأقرباءه ليشاركوا في الحصول على الغنائم ، وسيكون المتخلف عن ذلك,عند الجميع, مفرطاً على نفسه ، ومضيعاً للفرصة العظيمة في الحصول على الغنيمة الكبيرة,ولنقل إن تلك الغنائم تقدمها دولة غنية ،
أو من كبار الأثرياء ، وأن المكافأة التي تعطى كل يوم هي عشرة آلاف ريال ، يتسلمها كل من يأتي إلى المكان المحدد والوقت المحدد ويؤدي عملاً يسيراً يستغرق نحو ربع ساعة,فما رأيك فيمن يترك ذلك ويتخلف عنه ولا يبادر إليه بسبب
رغبته في النوم وحبه للراحة,وأخبرك أن الذي يعطي تلك الغنائم ليس غنياً من الأغنياء,وإنما هو الله رب الأرض والسماء ، وأن الغنائم ليست دراهم ولا دنانير ولا ذهباً ولا فضة ، وإنما هي الحسنات والدرجات والجنات,الغنيمة
الأولى,غنائم الفجر,أليس من الأحرى أن يزداد الحرص ويعظم الاهتمام,لأن المعطي هو الذي لا تنفد خزائنه،ولا يُخلف وعده،وهو الكريم الذي لا منتهى لكرمه ، والعظيم الذي لاحد لعظمته,أليس كل مفرط مغبونة,وكل مقصر خاسر,أليس
كل مضيع محروم, بلى والله،وما أعظم الخسران لمن ضيع الغنائم وهو نائم،ولم يكن به مرض مقعد،إنني أعني,النائمين المتخلفين عن صلاة الفجر،عن رسول الله,صلى الله عليه وسلم,أنه قال( يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام
ثلاث عقد ، يضرب على كل عقدة ، عليك ليل طويل فارقد ،فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقدة فأصبح نشيطاً طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان )متفق عليه,الشيطان يقيّدك ، وعن
الخير يقعدك ، وفي أسره يحبسك ، إنه يصدك عن الذكر ويحرمك من عظيم الأجر ، إذا أردت أن تجيب النداء,حي على الصلاة, ردك بالترغيب في النوم،وإذا سمعت,الصلاة خير من النوم,صرفك عن الخير بالمزيد من النوم, فإن كنت
ذا عزيمة ، وتنبهت وتوضأت وبادرت إلى أداء الصلاة ، كنت في كل خطوة تحطم قيداً من قيوده ، وتهزم جنداً من جنوده ، وما تزال مواصلاً تذكر الله فتحل عقدة ، ثم تمضي مصرّاً على مخالفته فتتوضأ فتنحل الثانية ، ثم تتابع مقبلاً
على الله فتقل قوته وتنفك من أسره فتصبح وقد تحررت من قيده ، وتغلبت على مكره وكيده,إنه انتصار الطاعة على المعصية ، والذكر على الغفلة ، والعزيمة على الضعف ، والخير على الشر ، فما أعظمها من غنيمة ، احرص عليها
ولا تفرط بها,الغنيمة الثانية,الانطلاقة الحيوية,نأخذ هذه الغنيمة من حديث أبي هريرة,رضي الله عنه ،إنها غنيمة حسية مهمة، أثرها ظاهر، وفائدتها أكيدة,تأمل قوله,صلى الله عليه وسلم,فيمن ذكر وتطهر وصلى الفجر( أصبح نشيط النفس )
إن افتتاح اليوم بالذكر والطاعة يجعلك منشرح الصدر ، طيّب الخاطر، قوي العزم ، متجدد النشاط ، تنطلق وفي محياك وسامة ، وعلى ثغرك ابتسامة ، وينفرج,بإذن الله,كربك ،ويزول,بعون الله همّك ، وترى من نفسك على الخير إقبالاً،وللطاعة
امتثالاً، وتجد الأمور ميسرة، والصعاب مذللة، يلقاك التوفيق مع بشائر النهار، ويصحبك النجاح في سائر الأحوال,فما أحسنها من غنيمة تشبث بها ولا تضيعها, الغنيمة الثالثه,البشارة النورانيه,وفي حديث,عن النبي صلى الله عليه وسلم,أنه قال( بشِّر المشائين
في الظُلم بالنور التام يوم القيامة )الجزاء من جنس العمل،والحق,جل وعلا, يقول(هل جزاء الإحسان إلا الإحسان)وأنت عندما خرجت لصلاة الفجر ، والظلام مازال يلف الكون،فإن جزاءك ومكافأتك نور تام يوم القيامة,لأنك أطعت ربك ،
وأقبلت على مولاك ، وطلبت النور لقلبك وروحك(بشر المشائين )لأنهم لما قاسوا مشقة المشي في ظلمة الليل إلى الطاعة جوزوا بنور يضيء لهم يوم القيامة،اقرأ قول الله تعالى(يوم ترى المؤمنين والمؤمنات نورهم يسعى بين أيديهم
وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم,يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نوراً فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة
وظاهره من قبله العذاب)صلاة الفجر تؤهلك لتكون من أهل النور في وقت يتخبط فيه الآخرون في الظلمات ، فما أجزلها من غنيمة، بادر إليها ولا تتأخر,الغنيمة الرابعة, الشهادة الملائكية,يقول الحق,جل وعلا(أقم الصلاة لدلوك
الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً)عن رسول الله,صلى الله عليه وسلم,أنه قال( يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار,ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم الله,وهو
أعلم بهم,كيف تركتم عبادي, فيقولون,تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون )متفق عليه,إن السائل هو الله ملك الملوك،والمسئولون هم الملائكة الذين {لايعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون)و(لايسبقونه بالقول وهم بأمره
يعملون)نعم هؤلاء الملائكة المقربون يشهدون لك عند الله ، ويذكرونك بأداء الصلاة ، ويمدحونك بشهودك الجماعة ، الملائكة الأبرار الأطهار يشهدون أنك من العباد المصلين الأخيار,الغنيمة الخامسة, الحصانة الإلهية,قال رسول
الله,صلى الله عليه وسلم(من صلى الصبح فهو في ذمة الله ، فانظر يا ابن آدم لايطلبنك الله من ذمته بشيء )رواه مسلم,إنها حصانة إلهية ، وحماية ربانية تكون بها,إذا صليت الفجر,في ذمة الله أي في حفظه، يصرف عنك الشرور ،
ويبعد عنك الأذى ، ويسلمك من مهاوي الردى ، إنه حفظ عظيم فريد ، وإنه لشرف كبير أن تكون أيها العبد الضعيف في حماية الملك العظيم رب الأرباب ، وملك الملوك ، وجبار السماوات والأرض,إن الله يدافع عنك ، ويحذر من
يتعرض لك بالأذى ، فأنت في ذمة الله ، أي في آمان الله وفي جواره ، أي قد استجار بالله تعالى ، والله تعالى قد أجاره ، فلا ينبغي لأحد أن يتعرض له بضر أو أذى،إنها ثمرة عظيمة ، وغنيمة جسيمة ، وأنت يا من صليت الفجر المؤهل
لنيلها ، فلا تفوت الغنيمة،الغنيمة السادسة, النجاة العظمى,عن أبي زهير عمارة بن رويبة,رضي الله عنه,قال,سمعت رسول الله,صلى الله عليه وسلم, يقول( لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ) يعني الفجر
والعصر,رواه مسلم,حديث عظيم ، وبشارة كبرى ، إنها السلامة والأمان من عذاب النيران ، إنه المطلب العظيم والسؤال الدائم لأهل الإيمان(الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار)إن صلاة الفجر صمام آمان من
النار ، وسبب من أسباب النجاة من عذابها ،ومعنى الحديث,لن يلج النار من عاهد وحافظ على هاتين الصلاتين ببركة المداومة عليها,
كل هذا الهول العظيم والعذاب الأليم ألا تخشى منه,ألا ينخلع قلبك خشية أن تستوجب شيئاً منه, أليست نعمة كبرى ، ومنّة عظمى,إنها غنيمة لا يمكن أن تقدر بثمن فعليك بها ، ولا تدعها تفلت.