عَنْ أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رَضِيَ
الله عَنْهَا قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ
هَذِهِ الْآيَةِ: "وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا
آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ": قَالَتْ
عَائِشَةُ: أَهُمْ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ
الْخَمْرَ وَيَسْرِقُونَ؟ قَالَ: "لَا يَا
بِنْتَ الصِّدِّيقِ وَلَكِنَّهُمْ الَّذِينَ
يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ
وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُمْ،
أُولَئِكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي
الْخَيْرَاتِ".
رواه الترمذي (3175) ،
وصححه الألباني (صحيح سنن
الترمذي، 287/3).
وأرى هذا الحديث يأتي بعد
حديث "إنما الأعمال بالنيات..."
في باب الإخلاص.
فكم من الأعمال الكبيرة
ضاعت بسبب الرياء والعياذ
بالله. وكم من الأعمال القليلة
قُبلت بسبب الإخلاص وكانت
لها وزنا كبيرا عند الله وفي
ميزان العبد.
والإخلاص تعريفه كما جاء عند
ابن القيم رحمه الله في مدارج
السالكين ما يلي: (الإخلاص
هو إفراد الحق سبحانه
بالقصد في الطاعة)
وله تعاريف أخرى.
قال النبي صلى الله عليه
وسلم : (إن الله لا يقبل من
العمل إلا ما كان خالصاً
وابتغي به وجهه) حسنه
الألباني.
وقال الفضيل بن عياض في
قوله تعالى:{ ليبلوكم أيكم
أحسن عملا }
"أخلصه وأصوبه"
قيل يا أبا علي: "ما أخلصه
وأصوبه" ؟.
فقال: إن العمل إذا كان
خالصا ولم يكن صوابا، لم
يقبل.
وإذا كان صوابا ولم يكن
خالصا لم يقبل، حتى يكون
خالصا صوابا.
والخالص: أن يكون لوجه
الله، والصواب: أن يكون متبعا
فيه الشرع والسنة.
قال ابن القيم: "الإخلاص
والتوحيد شجرة في القلب؛
فروعها الأعمال, وثمرها
طِـيب الحياة في الدنيا
والنعيم المقيم في الآخرة،
وكما أن ثمار الجنة لا
مقطوعة ولا ممنوعة فثمرة
التوحيد والإخلاص في الدنيا
كذلك. والشرك والكذب
والرياء شجرة في القلب؛
ثمرها في الدنيا الخوف
والهم والغم وضيق الصدر
وظلمة القلب, وثمرها في
الآخرة الزقوم والعذاب المقيم.
وقد ذكر الله هاتين الشجرتين
في سورة إبراهيم"
أسأل الله العظيم أن يرزقنا
الإخلاص في القول والفعل
والعمل.