نعم الله على عباده لاتحصى, ونعمه لاتعد, ولعلي اذكرك على عجالة بنعمتين هي من اعظم النعم, بها تعرف عظيم نعمة الله عليك
, ومن ورائها ترى فضل الله لديك, وعندها تدرك من انت
اعلم - يارعاك الله - انك
أنت المؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره.
أنت من عرفت رباً كريماً, عظيماً جوداً, لطيفاً بك رحيماً بحالك, عليماً بشأنك, لا يخفى عليه شيئاً من أمرك.
كم من خيرات تتوالى عليك منه ؟
وكم من عطايا قد أُغدقت عليك ؟
كم من عيب ستره, وذنب غفره, وأمر يسره ؟
لقد عرفت رباً يعفو ويفح, ويقبل التوبة, ويثيب على الطاعة, ويجيب الدعاء, ويحقق المطلوب.
كم من سؤال سألته فأعطاك ؟
وكم نوال منه غطاك ؟
ألم تكن جاهلاً فعلمك ؟
وفقيراً فأغناك ؟
ووحيداً فجعل لك زوجة وولدا ؟
ألم يصبك ضرٌ في ليل سقيم فقلت : يا رب فعافاك, وأصابك كرب فقلت : يا لطيف فنجّاك ؟
أنت من عرفته إلهاً عظيماً, ورباً جليلاً, فوجهت له كل عبادتك, وصرفت له طاعاتك لعلمك أنه مستحقً للعبادة دون سواه لكماله وعظمته لقد قرأت في كتاب ربك (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ) (الزمر:11) فوجهت له العبادة وحده دون سواه
لقد عرفت خطر الشرك وشؤمه على صاحبه من قوله تعالى ( وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (الزمر:65)
لقد عرفت نعمة الله عليك وأنت ترى أهل الضلال يتخبطون في باب العبادات, فهذا يعبد بقرة وذاك يعبد صنماً, وآخر قد عكف على قبر ميت يرجو نفعه ويخاف ضره - زعم - فيا لله كم أنت في نعمة التوحيد, وهم ظلام الكفر, ولئن أردت معرفة هذه النعمة فتأمل في هذه الآيات يقول سبحانه في سوء مآل الكافرين (إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً* خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً*يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا*وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا* رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً) (الأحزاب)
فمن نظر بعين قلبه إلى هذه الآيات عرف فضل الله عليه, وسأله بصدق الموت على التوحيد والسنة.
فهل أدركت فضل الله عليك بالتوحيد ؟
من أنت ؟
أنت من اصطفاك الله واجتباك, وجعلك من أتباع النبي الكريم محمد الأمين - من أكرمه ربه ورباه, وقرّبه وأدناه -.
لقد كان من فضل هذا النبي عليك أن علمك كيف تعبد ربك وتتقرب إليه, علمك كيف تصلي وتصوم, وتحج وتزكي, وتحسن وتعطف, رأيت خلقه الكريم, وشمائله الجمة, وجميل تعامله مع الناس, فجعلته لك أسوة في كل باب, وقدوة في كل مجال, ليقينك بأنك إن فعلت ذلك حزت قصب الكرامة, وفزت بخير العطايا.
إن النسب لهذا النبي الكريم, يعني الفوز بشفاعته بجميع أنواعها, من دخول الجنة, ورفع الدرجات فيها,, وتهوين الحساب والجزاء, فأي نعمة أعظم من نعمة أن تكون من أتباع سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام, من بيده لواء الحمد يوم القيامة.
ومع ذا فإن هذا الشرف يُحمّلك تبعات منها :
- منها محبته أعظم من محبة النفس والأهل
- ومنها تطبيق سنته في الحياة
- ومنها السعي في نشر سنته, وبيان مكانته عند العالمين.
ومنها رد كيد الكائدين, الأفاكين الطاعنين فيه وفي سنته
فهل عرفت فضل الله عليك بهذا النبي الكريم ؟
الداعية/عادل بن عبدالعزيز المحلاوي