القدس تناديكم يا أهل المدد::
بقعة من أشرف بقاع العالم أرض بارك الله فيها وبارك من حولها موطن الأنبياء ومنبع الرسالات ومفتاح الحضارات منتهى مسرى نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومبدأ معراجه أم فيها نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ الأنبياء فكان إيذانا ً بتولي قيادة البشرية ، وفتحها الفاروق عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ ، وحررها الناصر صلاح الدين.
بيت المقدس وأرض فلسطين هي الأرض المباركة " سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير " .
، وقال جل في علاه عن عن خليله إبراهيم ـ عليه السلام ـ : " ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين ".
، وقال عن سليمان ـ عليه السلام ـ : " ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين " .
فهي موطن الأنبياء ومأوى الصالحين ، وإليها كانت القبلة الأولى ، وانتهى إليها الإسراء ، وابتدأ منها المعراج ، وهي أرض المحشر والمنشر.
ها هي الأرض المباركة اليوم تأن وتصرخ تحت وطأة الاحتلال وظلم البغاة على ثراها الطاهر ترتكب أبشع المجازر تغتال الحرية وتؤد الإنسانية.
إنها تناديكم وا إسلاماه وا إسلاماه 000 فهل من مجيب ؟
أجيبوا يا مسلمون لبيك يا قدس لبيك يا أقصى خبرنا ماذا يجري على ثراك الطاهر ؟
ليأتيك الجواب: مجازر يتفتت منها قلب من كان له قلب قتل للأطفال وترميل للنساء واعتداء على الحرمات اقتحام للبيوت وتشريد للأمنين وترويع للمدنين ناهيك بسياسة الحرمان من الماء والغذاء والدواء مناظر مفزعة ومشاهد دامية تبعث الشفقة والرحمة في قلوب الجفاة فضلا عن الرحماء.
نساء فلسطين تكحـــلن بالأســـى * وفي بيت لحم قاصرات وقصــر
وليمون يافا يابـس في أصــــوله * وهل شجر في قبضة الظلم يزهر
ألا يا صلاح الدين هل لك عودة * فإن جيوش الروم تنهى وتأمـــــر
تنــاديك من شــوق مأذن مكـــة * وبــدر تنادي يا حبيبي و خيبـــــر
ليل طويل وظلام دامس أظهر بطولة الأبطال وشجاعة الرجال.
أيها الأبطال على أرض فلسطين هنيئا ً لكم وقفتكم لقد أثبتم أنكم رجال ورددتم على اليهود فعليا ً محمد ما مات ولا خلف بنات بل خلف أبطالا يعز وجودهم في أمة من الأمم على وجه الأرض اليوم
خبروني بربكم أي أمة تتعرض للحصار وللتجويع ثم تصمد هذا الصمود بل وتأخذ زمام المبادرة فتري عدوها ما يكره.
أيها المسلمون وقعت أرض فلسطين أسيرة عدو لا يرحم لا تنفك عنصريته عن التنكيل بكل من يخالفه.
اليهود أعداء البشرية و مجرموا الإنسانية شر البرية جرائمهم منذ غابر الزمان على بني الإنسان أكثر من تحصى وأكبر من تروى.
أراذل الناس حثالة العالم من تأصل الإجرام في عروقهم من القديم عباد العجل أبناء القردة والخنازير عبد الطاغوت من لعنهم الله وغضب عليهم وجعل منهم القردة والخنازير.
أما نقض العهود فهم أساتذته " الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون "
" أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم ".
أنها الأمة التي اعتدت في السبت بل وفي كل يوم فاستحقت لعنة الله " فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية ".
" فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا " .
عدوانهم على الإنسانية قديم فهم مشعلوا الفتن موقدوا نار الحروب ا ولن ينتهي سعيهم بالفساد في الأرض " كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا والله لا يحب المفسدين " .
أما عدوانهم على خيرة الله من خلقه أنبياء الله ورسله فيكفيك أن تقرأ قول الله عنهم " كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون " .
قبحهم الله أهكذا يتعامل مع أنبياء الله ورسله إما التكذيب وإما القتل.
ثم زادوا في عدوانهم إلى أقصى درجة ممكن أن يصل إليها مخلوق إنه العدوان على الله. الله الذي أوجدهم من العدم فراحوا يكيلون سبهم وعدوانهم على الله.
" لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير "
" وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء ".
أما توراتهم المحرفة فتخبر عن آدم أنه اختبأ من الله ـ تعالى الله عما يقولون ـ والعجيب أن الرب أخذ ينادي آدم أين أنت ؟ !.
هذا هو سفر التكوين إصحاح : 3 عدد : 8 ، 9 يخبر عن آدم وزوجته عندما أسكنهما الله الجنة تقول التوراة :
وسمعا صوت الرب الإله ماشيا ً في الجنة عند هبوب رياح النهار ، فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإله في وسط شجر الجنة ، فنادى الرب الإله آدم وقال له : أين أنت ؟.
تعالى الله عما يقول اليهود علوا ً كبير ا ً.
وما هذا إلا مثال لما حفلت به التوراة من ظلم وتعد ٍ ليس هذا بأولها وليكون آخرها إذ أن تعديات التوراة المحرفة على الله ورسله وخيرة الله من خلقه أكثر من أن تحصى.
أمة الإسلام : حق على الأمة الإسلامية وهي تواجه عدوا ًهذه بعض صفات أن تستعد له.
إن على الأمة :
أولا ً : تقوية صلتها بالقوى الذي لا يغلب أنه الله.
الله عزيز ذو انتقام.
الله الجبار المتكبر.
الله ذو الأمر الرشيد.
الله ذو البأس الشديد.
يلحق بهذه النقطة توبة جماعية منا جميعا إلى الله جل في علاه فما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة.
، وهي دعوة لنا جميعا ً للتفكير قبل المعصية.
علينا أن نفكر قبل المعصية في عظمة من نعصى.
، وأن نوقن بأن المعصية لها آثار منها أنها توجب غضب الجبار وتوجب ولوج النار ـ إن لم يتب العبد منها أو يعفو ربي جل في علاه ـ ومن آثار المعاصي أيضا ً تسلط الأعداء.
فأين أنت يا أصحاب الذنوب والعيوب ؟
أمة بأسرها تعاقب بشؤم ذنوبنا ومعاصينا لخالقنا وولي نعمتنا.
ثانيا ً : علينا جميعا ً أن نوقن أن ما حصل ويحصل إنما هو بقدر الله ، قال تعالى : " ولو شاء ربك ما فعلوه " وقال جل في علاه " وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين " .
إنه الإيمان بأقدار الله كلها ، وأن ما أصبنا لم يكن ليخطئنا ، وما أخطأنا لم يكن ليصبنا.
ثالثا ً : قدر الله كله خير : " قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير " .
، وفي دعائه ـ صلى الله عليه وسلم ـ والشر ليس إليك.
، والقاعدة القرآنية واضحة " وعسى أن تكرهوا شيئا ًوهو خير لكم " .
رب أمر ٍ تتقيه جر أمرا ً ترتضيه *** خفي المحبوب منه وبدا المكروه فيه
رابعا ً : العمل.. العمل
كل في ميدانه وفي مجال تخصصه ، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا.
أيها المسلمون قبل أكثر من ستين سنة لم يكن لليهود دولة ولكنهم سعوا وعملوا حتى كانت لهم الدولة أما يكون هذا حافزا لنا أن نعمل من أجل استعادة حقنا.
خامسا ً : الأخوة الإسلامية ، وآه ٍ.. آه من ضياع الأخوة الإسلامية اليوم مع أن الله يقول " إنما المؤمنون إخوة " .
فهل يعقل أن يمر مسلم على أخيه المسلم ثم لا يسلم عليه ؟ !
نهيك بما هو أشد من ذلك من ظلم وإسلام للعدو ، وغيره مما لا يشكى إلا إلى الله ، وحسبنا الله ونعم الوكيل في ضياع الأخوة الإسلامية اليوم.
إن يختلف ماء الوصال فماؤنا *** عذب تحدر من غمام واحدِ
أو يختلف نســب ٌ يـؤلف بيننا *** دين ٌ أقمــــناه مقـــام الوالدِ
سادسا ً : الثقة بوعد الله فإن الله يقول : " وإن جندنا لهم الغالبون " ويقول سبحانه وبحمده : " وكان حقا علينا نصر المؤمنين " .
سابعا ً : الاستعداد لجهاد طويل فإن الله يقول : " قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم ويشفى صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم " .
ويقول المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حديث سهل بن سعد رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها.
وعن أبي عبس عبدالرحمن بن جبر ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ما اغبرت قدما عبد في سبيل الله فتمسه النار.
وعند الترمذي من حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله.
فيا خسارتكم أيها القاعدون ما لكم قعدتم ؟ " أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل " .
ما لكم ألا يحرككم ما حرك رجل رث الهيئة حركه نسيم الجنة الله أكبر إنها الجنة يا حبذا الجنة واقترابها.
إنها رياح الجنة حركت رجلا ً رث الهيئة.
في صحيح مسلم من حديث أبي بكر بن أبي موسى الأشعري ـ رضي الله عنه قال سمعت أبي وهو بحضرة العدو يقول : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف ،فقام إليه رجل رث الهيئة فقال : يا أبا موسى أأنت سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول هذا ؟ قال نعم ، فرجع إلى أصحابه فقال : أقرأ عليكم السلام ثم كسر جَفن سيفه فألقاه ثم مشى بسيفه إلى العدو فضرب به حتى قتل.
، وإذا كان اللوم منصب ٌ على المتخاذلين فإن البشرى لمن اقتحم العقبة وفارق الأهل والديار بل فارق الدنيا بمن عليها هنيئا ً للسابقين في الصحيحين من حديث أبي هريرة عنه أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : ما من مكلوم يكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة وكَلمه يدمي : اللون لون الدم والريح ريح مسك .
وفي الصحيحين عن أنس ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على الأرض من شيء إلا الشهيد يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات لما يرى الكرامة.
، ولإن كان حديث الشهادة مشوقا ً فإن هناك نفوسا ًتواقة حرمت النفير أقعدتها المعاذير لكنها لا تضن بنية صالحة تسأل الله الشهادة بها دائما.
روى مسلم من حديث سهل بن حنيف ـرضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه.
ومن صدق هذه النفوس أنه وإن سد أمامها باب النفرة بأجسادها فإن أموالها هناك على أرض الرباط تجاهد وتنال من أعداء الله.
في الصحيحين عن زيد بن خالد ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزا ، ومن خلف غازيا في أهله بخير فقد غزا.
أما حديث النفس بالغزو فلا يحرمه إلا منافق.
روى مسلم من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بغزو مات على شعبة من النفاق.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون " .
اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.
، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
كتبها من يرجو عفو ربه