بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وصف حالة الأنبياء في دعائهم الله عز وجل(ويدعوننا رغباّ ورهباّ)فالمؤمن يدعو الله رغبة فيما عنده من الخير,وخوفا مما قد يصيبه من العذاب, فهل تدبر المرء هذه الآية, التي تدعو العبد أن يلجأ إلى الله وحده,ورحمته تسبق عذابه, وما أمر عباده أن يفعلوا, أن يوحدوه فلا يشركوا به شيئاّ, يريد لهم الخير,وأن يتوب عليهم,وأن يغفر لهم,وأن يخفف عنهم, فلم يشرع لهم شيئاّ إلا رحمة بهم, ولم يكلفهم ما لا يطيقون، ولم يأمرهم بما لا يستطيعون, بل كل ما شرعه لهم, فيه خيرهم, في الدنيا والآخرة, يريد لهم الحياة الطيبة في الدنيا, والأمان والطمأنينة في البرزخ, والنعيم المقيم في الآخرة,رب رحيم, ألا ينبغي أن,نرغب إليه, ندعوه رغبة فيما عنده, ونحن مقبلون عليه بقلوبنا, ونحن موقنون برحمته وعطائه واستجابته, ونحن نتذوق حلاوة الدعاء,وحلاوة الطاعة, وحلاوة الإيمان,ولا صلاح للقلب ولا نعيم إلا بأن تكون رغبته إلى الله عز و جل، فيكون هو وحده مرغوبه ومطلوبه ومراده، كما قال الله تعالى (فَإِذا فرغت فَانصب, وَإِلَى ربكَ فَارغب) وقال تعالى(وَلَو أَنهم رَضوا مَاآَتاهم الله وَرَسُولُه وَقَالُوا حَسبنا اللَّهُ سيؤتِينَا اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُوله إِنا إِلَى اللَّهِ رَاغِبونَ)والراغبون ثلاثة أقسام, راغب في الله,وراغب فيما عند الله, وراغب عن الله,فالمحب راغب فيه، والعامل راغب فيما عنده، والراضي بالدنيا من الآخرة راغب عنه,ومن كانت رغبته في الله, كفاه الله كل مهم,وتولاه في جميع أموره,ودفع عنه مالا يستطيع دفعه عن نفسه,وصانه من جميع الاّفات,ومن اّثر الله على غيره,اّثره الله على غيره,ومن كان لله,كان الله له,حيث لا يكون لنفسه,ومن عرف الله,لم يكن شيء أحب إليه منه,ولم تبق له رغبة فيما سواه,إلافيما يقربه إليه,ويعينه على سفره إليه,وقال يحيى بن معاذ, يخرج العارف من الدنيا ولا يقضي وطره من شيئين,بكاؤه على نفسه,وشوقه إلى ربه,وقال بعضهم, لا يكون العارف عارفًا حتى لو أعطي ملك سليمان لم يشغله عن الله طرفة عين,وقيل, العارف, أنس بالله فاستوحش من غيره,وافتقر إلى الله فأغناه عن خلقه,وذل لله فأعزه في خلقه,وقال,فحياة القلب مع الله,لا حياة له بدون ذلك أبدًا,ومتى واطأ اللسان القلب في ذكره، وواطأ القلب مراد حبيبه منه، واستقلّ له الكثير من قوله وعمله، واستكثر له القليل من بره ولطفه، وعانق الطاعة وفارق المخالفة، وخرج عن كله لمحبوبه؛ فلم يبقَ منه شيء، وامتلأ قلبه بتعظيمه وإجلاله وإيثار رضاه، وعزّ عليه الصبر عنه وعدم القرار دون ذكره والرغبة إليه، والاشتياق إلى لقائه، ولم يجد الأنس إلا بذكره وحفظ حدوده وآثره على غير,
نسأل الله أن يؤنسنا به في الدنيا والآخرة بقربه وذكره ومحبته,