فماذا بعد الحق إلا الضلال
قص الله علينا في كتابه الكريم ، الصراع الذي دار بين أولياء الرحمن ، وأولياء الشيطان ، أولياء الرحمن من الأنبياء واتباعهم ، وأولياء الشيطان من الصادين عن سبيل الله ، المعارضين لدينه ، إما لدنيا يصيبونها ، أو لشهوة يحصلونها ، فهذا نوح عليه السلام عندما دعا قومه إلى الله تعالى اتهمه قومه بأنه في ضلالة مع أنه ناصح أمين وما منعهم من الاستجابة إلا الكبر فأهلكهم الله بالطوفان وهذا هود عليه السلام لما دعا قومه إلى الله اتهموه بأن دعوته في سفاهة وأنه من الكاذبين وما منعهم من الإيمان إلا الاغترار بقوتهم وجبروتهم فأهلكهم الله وهذا صالح عليه السلام لما دعا قومه إلى الله وذكرهم بما من الله عليهم من الخلافة في الأرض واتخاذهم من سهول الأرض قصورا ومن نحت الجبال بيوتا ومع ذلك استكبروا وعتوا عن أمر ربهم وعقروا الناقة التي كانت لهم آية على صدق نبيهم وطلبوا من صالح استعجال العذاب فنزل بهم غضب الله وسخطه بالرجفة فأصبحوا في ديارهم جاثمين.
ومن هذا القصص القرآني يتضح لنا كيف أن الصراع بين الحق والباطل من قديم وهو يتكرر في كل زمان ومكان لا يتغير وإن تبدل الأشخاص. وكم نلاحظ الأمر ظاهرا وواضحا في الصراع الذي يدور في الساحة الفكرية اليوم بين دعاة التجديد والتطوير والدعوة إلى تغريب المجتمع على حساب دينه وبين الذابين عن دين الله الداعين إلى تثبيت الناس على الحق ويستمر الصراع بين الحق والباطل والخير والشر حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا لهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة. إنه امتحان لأهل الإيمان واستدراج لأهل الباطل فهل نعي ذلك ، ومن رحمة الله بهذه الأمة أنه لا تزال طائفة منها تقوم بأمر الله لا يضرها من خالفها أو خذلها أو من ناصبها العداء حتى يأتي الله بأمره ، وفي حمئة هذا الصراع وشدة التجاذب بين الطرفين ! وادعاء كل الحق.! مع من يقف المسلم العاقل ؟ ومن يصدق ؟ ومع هذه الهالة الإعلامية في تزيين الباطل وإظهاره بصورة محببة للنفس واستثارة مشاعر الناس في بعض المواقف الخاطئة وتعميمها وطرح البديل المخالف للنص الشرعي هنا قد يقف المرء المسلم في حيرة يصدق من ؟ ويتبع من ؟ يأتي السؤال البين الواضح أي الفريقين اليوم هم أقرب لمنهج الأنبياء واتباع أولياء الرحمن الموعودون بالنصر والتمكين ؟ كما جاءت نصوص الكتاب والسنة أهم دعاة التغريب ونشر الأفكار المخالفة لمنهج الله الواضح والداعين للزج بالمرأة لكي تتمرد على دينها وأمر ربها واسقاطها في مستنقع الرذيلة بحجة التنمية والتقدم والحضارة والمشاركة في العمل مع الرجل !!؟ أم هم دعاة الفضيلة الذابين عن دين الله الداعين للتمسك به والثبات عليه الحريصين على عفة المرأة ورفعة مكانتها الذين يحذرون من شؤم المعصية والمآلات الخطيرة على المجتمع المسلم التي يدعو إليها دعاة التغريب. إن الحق واحد لا يتجزأ ولا يتغير فمع من يكون إذا ؟فإذا عرف الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال المبين ! إنه واجب على كل مسلم يرجو الله واليوم الآخر أن ينظر للعاقبة والمصير ويعلم أن الأمر بيد الله أولا وآخرا والعباد صائرون إليه فيجازيهم بما عملوا ، وما يقدره سبحانه من هذا التدافع إنما هو ابتلاء واختبارا فلا يهولنه زبد الباطل فإنما هو جفاء والينحاز لأهل الإيمان ولو تعاطفا وإن كانوا قلة فإن الحق لا يعرف بكثرة الأتباع بل بنور البيان ووضوح البرهان.