هو الملك التبع أبوكرب أسعد بن ملكي كرب أحد أطغى ملوك العرب وأشدهم بأساً وطغيان
كان يقيم في ملكه سنه ويغزو ثلاث واذا خرج غازيا لم يترك طريقا الا سلكه ولا منهلاً الا ورده ولا بلداً الا وطئه وما وطئ أحد من آبائه وأجداده بلداً الا دخله وقصده ووطئه بنفسه او بعث عسكره. وقد كان شاعرا جهبذا وفي ابياته تتجلى شخصيته الدموية الحقيقية فقد كان هذا التبّع طاغية من طواغي الزمان ان لم يكن أعظم تلك الطواغي, ولا مناص امامي من وصف شخصيته الا من خلال ابياته وعنجهيتها وصلافته ورعونتها وطغيانه وديكتاتورياته المتجليه في ابياته التي تشع تجبرا وعظمة وأنفة.
برأيي الشخصي انه الطاغية الأول عالميا الا انه يختلف في اسلوب الطغيان عن غيره من طغاة هذا الزمان فهو طاغية على اعدائه وليس على شعبه, او كما يحلو لي القول,( نعامة على شعبه وفي الحروب أسدا ) بل غضنفرا هصورا هابه وارتعدت من ذكره فرائض اعتى قياصرة واباطرة العالم القيد, فهو القائل عن وقائعه كما يسميها او جرائمه كما يصح ان تسمى في عصر بوش (معي او ضدي).
سيذكر قومي بعد موتي وقائعي
وما فعلت قومي بقيس افاعلا
وما دوخت أرض اليمامة بالقنا
وما صبحت فيها تميما ووائلا
فكم من ملوك قد قتلنا رجالهم
وكم من نساء قد تركنا ثواكلا
هكذا هو على اخصامه ولكن فلنرى كيف يخاطب قومه في نفس القصيدة التي اقتطعنا منها الجزء السابق :
سيذكر قومي نجدتي ومكارمي
ويدخل باب العز من كان جاهلا
بنيت لهم مجدا مع النجم سمكه
وصيرته للعالمين معاقلا
فحمير سادات الملوك وخيرها
وهم من قديم الدهر سادو القبائلا
فأنظر رعاك الله كيف يكون الملك طاغية على اخصامه محبا لقومه وشعبه, بعكس من هم على رؤوس الحكم اليوم ممن ينطبق على المثل القائل ( أسد علي وفي الحروب نعامة ).
وفي ضوء عطاياه لشعبه وقومه التي لا تنضب ولا تنفذ فقد كان يقتطع من الغير ليكرم قومه فيقول يعني قومه :
فأسكنت ارض الشام منهم قبائلا
وابتعت غسان الملوك الافاضلا
وغسان حازوا بلدة الروم كلها
وفي الصين صيرنا الملوك الأقاولا
والاقاولا يقصد به اقيال حضرموت الذي كانوا تابعين لحكمة يرفدون جيشه كأي من اجزاء مملكته. فتخيل يا اخي رعاك الله وانت في زمن تتمنى فيه ان تجد مقعدا دراسيا لأبنك او بنتك ليدرس ويتعلم وهو ابسط حق من الحقوق ومع هذا ولا تجد, فلو انك تعيش في عصر هذا التبع !!!
فنصيبك سيكون دولة وبلاد كاملة نظير مواطنتك !!!ويتذكر من خلال ابياته بعض وقائعه وحروبه وبطولاتهم بل الانتصارات الباهرة والمذهلة التي كانت بالنسبة لهم لا تعدو ان تكون امرا معتاد !! فقد اعتادو العزة والأنفة.
فيقول مثنيا على شعبه ورعيته :
يوم لقينا العجم في أرض فارسا
لقت ضيغما من نسل قحطان باسلا
فدوخت أرض الفرس حتى تركتها
يبابا مجوبا علوها والاسافلا
ودوخت املاك العراق ولم ازل
أحل بهم في كل عام زلازلا
يصبحهم في اول العام جيشنا
فيمكث فيهم قابلا ثم قابلا
ياله من طاغية لا ينفك عن طغيانه بمحض اعترافه عند قوله (أحل بهم في كل عام زلازلا) فهو من لا يرحم ولا يعطف لا على انثى ولا كهلاً او طفلاً في المهد فكان الكل وقودا لبقاء عز شعبه ودولته.
وهذا ايضا مسجل في بيته التالي :
وقسمنا بني خزيمة بالجند -- كل عبد لنا وابن عبد
فكيف يستعبد الاحرارا يا تبع ؟ امن أجل رفاهية قومك تستعبد عباد الله ؟
يالك من طاغية الا ان حبك لشعبك وسخائك عليهم يغفر لك يا طاغية الزمان. كما ان عطاياه لقومه لم تكن تستجلب من البلاد القريبة فقط بل لأرضاء شعبه واشباع نهمهم ذهب الى ابعد من ذلك ففي ابياته التالية تفصيل :
ونلت بلاد السند والهند كلها
وفي الصين صيرنا نقيبا وعاملا
ونلت بلاد المشرقين كليهما
ونلت بلاد المغربين وبابلا
ونحن اثرنا في سمرقند ضحوة
جحيما لضاها يلفح الدور شاعلا
وجادت لنا في اصبهان سحابة
بودق يزيغ المذهلات الحواملا
ولوصف حالة قومة ونعيمهم تأمل هذا البيت الذي اختلطت في الرفاهية بالبأس والشدة :
حشو الحرير لباسنا في أهلنا --ولباسنا يوم الهياج حديد
ولتسليط الضوء اكثر على طغيانه وانتشاره ونفوذه فأورد لكم هنا بيتا من احدى قصائده يوضح الطغيان والجبروت التي كانت تقاسيه شعوب الارض تحت رحمة هذا المادر فيقول :
ملكنا الانام فدانوا لنا --- أذل من النعل تحت القدم
وانسجاما مع ابياته السابقه يقول متفاخرا بقومه بعد ان هزموا قوم الافغان ف احدى المعاك التي عانى تبع فيها مقاومة شرسة من قبل الافغان فيمتدحهم اثناء فخره بقومه :
سموا وسمونا لهم إذ سمو --وفاضوا وفضنا عليهم بجم
بأبناء قحطان من حمير -- بهاليل أسد طوال اللمم
أبحنا البلاد بأسيافنا -- وبالسمهرية تلظى بسم
اما جيوشه الجراره التي يرتفد بها في غزواته فقد وصفها ايما وصف وامتدحها بغاليات الأبيات ونفائسها قائلا :
واذا سرت رافقتني جبال -- ورجال هم جناحي وجدي
فجبالي اذا أحقت حديد -- ورجالي اذا تاخرت عندي
نقهر الناس والشعاع بخيل --تحصد الناس في الوغى أي حمدي
وامتدح جده قجطان كثيرا فقد قال :
قحطان جدي لن يلاقي مثله -- ما عاش ذو روح وأورق عود
واليكم نظرته الى يهود عندما غدرت به وقتلت ابنه الذي ولاه عليهم فثارت ثائرته وهاج بركان غضبه فقال :
ما بال عينك لا تنام كانما
كحلت أماقيها بسم الأسود
أرقا لما فعل اليهود بيثرب
فلبثت في غمدان كالمتلبد
وحلفت عهد تبلغن نخيلهم
زبر الحديد عشية أو من غد
فجعلت عرصة منزلي في روضة
بين العقيق الى بقيع الغرقد
وهنا بيثرب روحنا وصدورنا
تغلي جلائلها بحرب محصد
ولقصته في محاولته لتخريب مكه قصيدة عندما قال:
ثم أنصرفت اريد مكة عامدا
ولخرابها لا كالذي لم أعمد
لما آتاني من هذيل أعبد
يتنصحون فرمت أمرا لا عبد
قالوا بمكة كنز قوم داثر
وجواهر من لؤلؤ وزبرجد
بيتا يطاف به وينحر حوله
بدن لدى حجر وركن أسود
الا ان ربي هداه وجعله يرتد عن رأيه بهدم الكعبة فقال واصفا :
فأردت أمرا حال ربي دونه
والله في بطحاء مكة يعبد
حتى آتاني من قريظة عالما
حبر تدين له اليهود وتقتدي
فعفوت عنهم عفوا غير مثرب
وتركتها لعقاب يوم سرمد
الا ان هذا الطاغية قد أسلم ودان بالاسلام قبل ان يبعث سيد الخلق أجمعين فقال تبيع :
وشهدت على احمد انه
رسول الله باري النسم
له امة سميت في الزبور
فأمة أحمد خير الأمم
فلو مد دهري الى دهره
لكنت وزيرا له وابن عم
وكنت ظهيرا على المشركين
أسقيهم كأس حرب وهم
إذا ما صناديدهم كذبوا
أغشيهم كل صفر هضم
وأجعل نفسي له جنة
وأفرج عن صدره كل غم
ومن نسل قومي له ناصر
فيؤونه ثم لا يهضم
إيه إيه يا تبع
قد أعطى هذه الطاغيه فن في كيفية العزّه والقوه والغلبه
فالدول والأمم وكل فئات المجتمع لا تنهض بغير رعايتها لشعوبها وحبها لها
فهل حان الوقت لنرعى بعضنا البعض لنتحاب لنتالف لتقارب القلوب
من أجل العزّه و من أجل المجد خذو العبره يااااااااااااااااااااااقوم من أحد أجدادكم
وافر حبي وودي