بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فإن نعم الله على الإنسان لا تُعد ولا تحصى، ومن هذه النعم العظيمة والجليلة نعمة اللسان، قال تعالى(ألم نجعل له عينين, ولساناً وشفتين)اللسان ذلك العضو الصغير قد يكون سبباً لدخول صاحبه الجنة أو النار، فإن استغله الإنسان في طاعة الله وذكره؛ سلك به طريق الجنة، وإن استغله في الغيبة والنميمة وقول الزور وغيرها, قاده إلى النار,اللسان,هو رسول القلب وترجمانه ودليله,وإذا حركه قلبٌ يخاف الله ويخشاه لم تسمع منه إلا طيباً,وإذا أُطلق له العنان هوى بصاحبه في دركات الجحيم والنيران,إحذر لسانك أيها الإنسان لا يلدغنك إنه ثعبان قال تعالى(قَدْ أفلح المؤمِنون, الَّذِين هم فِي صلاتِهِم خاشِعون والذِين هم عَنِ اللغوِ معرِضون)وقال النبي صلى الله عليه وسلم(كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع) وقال صلى الله عليه وسلم(وإن أبغضكم إليّ وأبعدكم منى يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون) والثرثار هو كثير الكلام تكلفًا، والمتشدق المتطاول على الناس بكلامه ويتكلم بملء فيه تفاصحًا وتعظيمًا لكلامه، والمتفيهق هو المتكبر,اللسان,ما هو إلا كلمات، فالكلمة مسؤولية لابد أن نعي كيف نتعامل معها، فرب كلمة جافية فرّقت شمل أسرة، ورب كلمة طاغية أخرجت الإنسان من دينه، والعياذ بالله، وكلمة طيبة جمعت شملا ً، وكلمة صادقة أدخلت إلى الجنة، جعلني الله وإياكم من أهلها،وأنه صلى الله عليه وسلم قال (إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله، لا يلقي لها بالاً يرفعه الله تبارك وتعالى بها درجات، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم)كل كلمة تخرج من هذا اللسان لا تذهب أدراج الرياح،بل هي مسجلة مقيدة في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها،قال تعالى(ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد)وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال(إذا أصبح ابن آدم، فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان,أي تذل وتخضع له, تقول له, اتق الله فينا، فإن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا)اللسان, هو الميزان الذي توزن به الرجال، وتعرف به أقدارها، ما صلح منطق رجل إلا ظهر ذلك على سائر عمله، ولا فسد منطق رجل إلا عرف ذلك من سائر عمله,قال صلى الله عليه وسلم(لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه)ومعنى الحديث انك لوا انشغلت بإصلاح قلبك وسلامته ولسانك ليس نظيفاّ فإنك خاسر،وكذب من أدعى صلاح وصفاء القلب ولسانه ليس نظيفا،فاللسان ما هو إلا مغرفة يغرف من القلب,وقال صلى الله عليه وسلم(من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة)الغيبه,ما هي إلا كلمة قال الله تعالى(ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه)،ولما عرج بالرسول صلى الله عليه وسلم مر بأقوام لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم،فسأل عنهم, من هؤلاء, قال جبريل, هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم)إفشاء السر, خيانة بالكلمة،حدث جابر,إذا حدث الرجل الحديث ثم التفت فهي أمانة,النميمه,وهي الحالقة، حالقة الدين لا حالقة الشعر، يوم ينقل ذلك الرجل الذي لا يخاف الله ولا يتقيه، تلك الكلمات التي تأجج نار الفتنة وتورث البغضاء وتفرق بين الأحبة والعياذ بالله,اللعن هو الطرد من رحمة الله, ويقول صلى الله عليه وسلم,(ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء)وفي حديث أبي الدرداء مرفوعاً,إن العبد إذا لعن شيئاً صعدت اللعنة إلى السماء فتغلق أبواب السماء دونها ثم تهبط إلى الأرض،فتغلق أبوابها دونها ثم تأخذ يميناً وشمالاً فإن لم تجد مساغاً رجعت إلى الذي لُعن، فإن كان أهلاً وإلا رجعت إلى قائلها(وقال عليه الصلاة والسلام(لعن المؤمن كقتله)وهذا عمر رضي الله عنه يقول,من كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه قل ورعه، ومن قل ورعه قل حياؤه، ومن قل حياؤه مات قلبه,كيف نحفظ ألسنتنا,أن يزن الإنسان الكلام قبل أن يخرجه، وأن يحاسب الإنسان نفسه على ما مضى، فكلما قال الإنسان قولاً، أو تكلم في مجلس، أو نطق بكلمة، فليرجع إلى نفسه، ماذا أردت بهذه الكلمة, هل كانت حسنة أو غير حسنة،أن يتخذ له صاحباً يحصي عليه عيوبه، فاجعل لك زميلاً أو صاحباً من أصحابك الذين تثق بهم، يحصي عليك وينبهك، على ما قد يبدر منك من خطأ، أو زيادة في القول,فعود نفسك كثرة الذكر، والاستغفار، والكلام الطيب، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى يصبح عادةً لك,فلنتق الله، ولنلتزم تعاليم الإسلام، ونتأدب بآداب أهل الإيمان، ولنحفظ ألسنتنا عن الحرام، فمن وُقي شر لسانه فقد وُقي شراً عظيماً، ومن استعمل لسانه في الخير والطاعة والمباح من الكلام وُفّق للسداد والكمال، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء،والله ذو الفضل العظيم,
رطبوا ألسنتكم بالذكر,وهذبوهـا بالتقوى,وطهروها من المعاصي.
اللهم إنا نسألك ألسنة صادقة, وقلوباً سليمة, وأخلاقاً مستقيمة.