بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ
في صحيح البخاري ومسلم عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(( ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك ، فقلت: يا رسول الله ، أليس قد قال الله تعالى:
{فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا}
[الانشقاق: 7-8]
((فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما ذلك العرض ، وليس أحد يناقش الحساب يوم القيامة
إلا عذب)).
قال النووي في شرحه للحديث:
معنى نوقش الحساب: استقصي عليه.
قال القاضي:
وقوله: (عذب) له معنيان:
أحدهما:
أن نفس المناقشة وعرض الذنوب والتوقيف عليها هو التعذيب لما فيه من التوبيخ.
والثاني:
أنه مفض إلى العذاب بالنار ويؤيده قوله في الرواية الأخرى: ( هلك ) مكان ( عذب )
هذا كلام القاضي.
قال النووي:
وهذا الثاني هو (الصحيح)، ومعناه أن التقصير غالب في العباد فمن استقصي عليه، ولم يسامح
هلك، ودخل النار، ولكن الله تعالى: يعفو ويغفر ما دون الشرك لمن يشاء.
ونقل ابن حجر عن القرطبي في معنى قوله:
إنما ذلك العرض، قال: إن الحساب المذكور في الآية إنما هو أن تعرض أعمال المؤمن عليه حتى
يعرف منَّة الله عليه في سترها عليه في الدنيا ، وفي عفوه عنها في الآخرة.
والمراد بالعرض - كما هو ظاهر من هذه الأحاديث - عرض ذنوب المؤمنين عليهم، كي يدركوا مدى
نعمة الله عليهم في غفرانها لهم.