مظاهرات بمصر تهتف: يا مبارك يا مبارك.. الطيارة في انتظارك
السبت, 15-يناير-2011 - 11:53:11
نبأ نيوز- القاهرة-
احتفل عدد من المصريين والتونسيين في القاهرة بهروب الرئيس السابق زين العابدين بن علي من البلاد في وقت أكد فيه أكد خبراء أن الانتفاضة الشعبية في تونس من أهم "ثورات العصر الحديث".
ووصف خبراء سياسيون الانتفاضة الشعبية التونسية، بأنها واحدة من أهم الثورات في العصر الحديث. وأكد عدد منهم أنها تأتي في توقيت تعاني فيه غالبية الشعوب العربية من القهر والاستبداد، معتبرين أنها تمثل "رسالة ملهمة" تؤكد إمكانية تحقيق انتصارات على الأنظمة القائمة التي تستمد بقائها في السلطة من الأساليب القمعية.
هذا وتشهد العاصمة المصرية القاهرة مظاهرة يشارك فيها المئات من مختلف التيارات السياسية أمام السفارة التونسية، ابتهاجاً بـ "انتصار الشعب التونسي".
وردد المتظاهرون هتافات منها "يا مبارك يا مبارك.. الطيارة في انتظارك"، في إشارة إلى رحيل الرئيس التونسي السابق بن علي بطائرة إلى خارج البلاد، و "ارحل ارحل زي فاروق"، في إشارة إلى رحيل الملك فاروق عن مصر بعد إسقاط ثورة يوليو العام 1952 للنظام الملكي، ورحيل الملك على متن مركب إلى إيطاليا، و"تونس ولبنان والجزائر..ثورة واحدة شعب ثائر".
وقال رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات السياسية والإستراتيجية عمار علي حسن رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات السياسية والإستراتيجية لـ"إيلاف": "ما شهدته تونس اليوم حدث غير مسبوق، يضاف إلى سجل الثورات التاريخية التي صنعتها الشعوب، فلم يشهد التاريخ سوى ثلاثة ثورات مهمة هي: الثورة الفرنسية في العام 1789، والثورة البلشفية في العام 1917، و الثورة الإيرانية في العام 1979، وها هو الشعب التونسي يسجل اسمه في سجل الثورات الخالدة، بانتصاره على واحد من أشرس الأنظمة القمعية في العالم الثالث وخاصة العالم العربي، ألا وهو نظام زين العابدين بن علي، الذي حكم تونس بالقمع والقهر لأكثر من 23 عاماً".
وتابع حسن قائلاً: "يتشابه ما حدث في تونس، بما جرى في قرغيزستان منذ عدة سنوات، حيث زحفت الجماهير الغاضبة من تدني الأوضاع المعيشية، والقهر والاستبداد، إلي القصر الرئاسي، مطالبة الرئيس بالتخلي عن الحكم، فيرد باستخدام الرصاص من جانب الجيش في قمع المتظاهرين، ويسقط العديد من القتلى وتستمر الانتفاضة إلى أن تجبر رأس النظام على الهرب إلى دول مجاورة".
وأشار حسن إلى أن: "نظام بن علي كان من أشد الأنظمة القمعية في العالم العربي، حيث كان يستخدم قوات الأمن في فرض سطوته على البلاد، ووضع القيود على وسائل الإعلام بشكل غير مسبوق، وكبل الحريات، ولم يستفد من النمو الاقتصادي الذي شهدته تونس في عهده سوى قلة من بطانة حكمه، في حين كان الشعب يعاني من البطالة والفقر، وعمل النظام كذلك على تدمير الأحزاب السياسية، والنقابات المهنية والعمالية، دون أن يدري أن كل ذلك سيولد الانفجار في لحظة ما، و لما حانت تلك اللحظة التي انطلقت مع انتحار بائع من خلال إضرام النار في جسده بالشارع، انتهزتها الطبقة العاملة فرصة، وعضت عليها بالنواجذ، فاندلعت مظاهرات رفعت شعار "الخبز"، ثم تضامنت معها الطبقة الوسطى، مطالبة بالحرية، ورفعت المظاهرات شعار "الخبز والحرية"، واتسعت دائرة التضامن لتشمل أفراد من الشرطة والجيش، ولم يستطع بن علي السيطرة على الأوضاع بعد أن فقد السيطرة على الشرطة والجيش، فاتخذ قراره بالرحيل إلى خارج البلاد، مما يعتبر واحد من أهم انتصارات الشعوب خلال السنوات الـ 40 الماضية، التي لم تعرف فيها المنطقة العربية سوى الانقلابات العسكرية أو التغيير من داخل الأنظمة الدكتاتورية نفسها.
وحول تأثيرات ذلك على الدول العربية، أوضح حسن "ستكون هناك تأثيرات عميقة على دول المنطقة، فهناك أخبار عن انتقال العدوى إلى عدة بلدان، وقد نقلت بعض الصحف الغربية تسريبات تفيد بأن الأنظمة العربية "تضع يدها على قلوبها" خشية تكرار السيناريو نفسه لديها، لاسيما أن شعوبها تعاني من الظلم والقهر، وانسداد الأفق، وانعدام البدائل السياسية".
وفيما يخص مصر، قال حسن "شهدت مصر انتفاضة مماثلة وهي المعروفة بـ "انتفاضة 18 و19 يناير" في العام 1977، حيث خرجت الجماهير غاضبة من ارتفاع أسعار السلع الغذائية، لكن الرئيس السادات احتواها بذكاء شديد، حيث ألغي قرارات رفع الأسعار، فهدأت الجماهير، لاسيما أن السادات كان لديه رصيد رائع لديهم، لأنه صانع انتصار أكتوبر في العام 1973".
وأضاف "وقد شهدت مظاهرات مماثلة في 6 أبريل من العام 2008، بمدينة المحلة وسقط فيها أربعة قتلى برصاص الشرطة. وكان من الممكن أن يسبق الجمهور المصري التونسي لو أحسنوا استغلال حادث التفجير الذي وقع أمام كنيسة القديسين بالإسكندرية، حيث خرجت مظاهرات حاشدة، في القاهرة والمحافظات، ولو التحمت معها القوى العمالية والسياسية، واستطاعت تحويلها من الحيز الطائفي إلى حيز آخر يربط بينها وبين ما يعانيه الشعب من قهر وتدني في الأوضاع المعيشية، نتيجة الفساد وسيطرة فئة صغيرة على مقدرات الأمة واقتصادها".
وأكد حسن أن "الثورة التونسية ستكون ملهمة للباقي الشعوب التي تعاني من القهر والاستبداد، لكنها قد لا تتكرر بحذافيرها، ولا يستطيع أي محلل سياسي على وجه الأرض توقع تكرارها في أي دولة أخرى، لأن الانفجار يحدث في لحظة".
فيما وصف جورج اسحق عضو الجمعية الوطنية للتغيير لـ"إيلاف" انتصار الشعب التونسي، وإجبار بن علي على الرحيل خارج البلاد بأنه "شيء مبهج، ويثير الأمل لدى المصريين". وأضاف قائلاً "إن المظاهرة التي يقوم بها عدد كبير من المصريين أمام السفارة التونسية، ما هي إلا تعبير عن اشتياقهم للخبز والحرية. متوقعاً أن تنتشر عدوى الثورة التونسية إلى باقي شعوب المنطقة كما تنتشر النار في الهشيم، لأنها جميعاً وخاصة الشارع المصري، تعاني من الاحتقان، وتدني الخدمات التعليمية والصحية، والبطالة، والفقر والقهر والقمع"
وأعرب عمرو الشوبكي الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية لـ"إيلاف" عن سعادته بما حدث في تونس وقال "أول مرة أسمع خبر مفرح يأتي من العالم العربي منذ نحو أربعين عاماً، لا سيما أن جميع الأخبار كانت تحمل هزائم وانكسارات وأزمات اقتصادية وحروب ومشاحنات طائفية، وكانت الأخبار السعيدة التي تخص العالم الثالث تأتي من خارج المنطقة العربية"
وأضاف "رغم أن الشعب التونسي لم يتخلص نهائياً من الحزب الدستوري الحاكم، إلا أن أي نظام جديد لن يكون سيئاً كما هو الحال في النظام السابق، وسوف تكون هناك خطوات كبيرة نحو الديمقراطية والحرية، وتوجيه عائدات النمو الاقتصادي إلى الشعب، وليس إلى النخبة المحيطة بالنظام الحاكم".
ووفقاً للشوبكي، فإن الشعب التونسي وجه رسالة ملهمة إلى باقي الشعوب العربية، وقد لا تتحقق نتائجها في القريب العاجل, مستبعداً إمكانية تكرار السيناريو ذاته في مصر، وبرر ذلك بالقول: "هناك عدة عوامل تمنع ذلك، منها أن النظام في مصر يسمح بهامش حرية، ويسمح للجماهير بالتنفيس عن غضبها، ويتمثل ذلك في الاحتجاجات العمالية والاجتماعية والمطلبية التي تشهدها البلاد منذ نحو سبعة أعوام، في حين لم يكن مسموحاً بذلك في تونس، كما أن النظام في مصر يستخدم المؤسسات الدينية في تدعيم مواقفه، وتسكين الأوضاع، فهناك تيارات سلفية تدعو للحاكم بطول البقاء، وتعتبر أن طاعة ولي الأمر واجبة، وتقوم الكنيسة بدور مشابه، وهو لم يكن موجوداً في تونس فالنظام كان علمانياً، استطاع القضاء على جميع التيارات السياسية، ومنها التيار الإسلامي المعتدل، لكن هناك احتمالات حدوث مشاكل وفوضي بسبب الفقر وتحلل مؤسسات الدولة، وشبح الإرهاب الذي عاد ليطل برأسه من جديد.