إلى من يشكو ظلم المجتمع..
أسماء عمر منتصر
ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل"...أجل، ما أكدر الحياة لولا وجود الله و عنايته بعباده...
صحيح أن الحياة مليئة بالمشاكل و الأحداث و أن هناك أناسا يعيشون من حولنا و هم كالوحوش الكاسرة، لا همّ لهم سوى جمع المال و توفير لقمة العيش و لو على حساب الآخرين...إذن كيف نتصرف تجاه هذا الواقع المرير؟..هل ننطوي على أنفسنا لاتقاء شر هؤلاء؟ هل نغضب و نسخط و نقتل أنفسنا في لوم الآخرين ثم نسقط على فراش الموت؟...
إن الجواب الكافي و الشافي لهذا المشكل قد جاء به النور المبين، و بيّن لنا ربنا كيف نعيش مطمئنين سعداء راضين بما أعطانا إلاهنا...
لماذا التذمر و العبوس إن كان لن يغير من واقعنا شيئا ؟ و لماذا الانشغال بصغائر الأمور و سفاسفها إن كان دورنا في الحياة هو الأخذ بأيدي الناس بالحكمة و الموعظة الحسنة؟...
إن المسلم -كما قال سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام-هين لين، إن أوذي في الله صبر و احتسب، و إن أصابه خير حمد الله على فضله....إنه حليم مسامح يعفو عن أخطاء الآخرين و يوجههم باللين و اليسر، لأنه لم يخسر في حقيقة الأمر شيئا....فعندما يعي هذه النقطة جيدا يستغفر للآخرين و يدعو لهم بالهداية، عندئذ يرتقي إلى درجة عليا و هي الإحسان...
و ماذا خير من هذا؟أليس الله يقول : "إن الله مع الذين اتقوا و الذين هم محسنون"...أي شيء أعظم من أن يكون الله بمعيتك طول الوقت؟...
إن الإسلام جاء ليرفع الإنسان من مستوى حيواني إلى مستوى ملائكي، حث يتخلص من الطبائع البشرية القذرة كالأنانية و الجشع و الحسد و النفاق...
حتى لو افترضنا أن المجتمع تسوده هذه النقائص، فهذا لا يعني أن نقطع علاقاتنا مع الآخرين أو أن نصير مثلهم لأن هذا المجتمع لا يسع ذوي الأخلاق...و إنما -في نظري-يجب أن نتخلق بأخلاق حسنة مع الكل و أن نكون ناجحين في حياتنا العملية أو الدراسية حتى نتمكن من إعطاء الصورة المشرقة للمسلم الحق الذي يؤمن بالله و يعامل الناس بخلق حسن و يرشدهم إلى الطريق الصحيح....فحتى لو لم يستجب لنا أحد فهذا لا يعني أن نستسلم للواقع أو أن نضيع الوقت في لوم الآخرين..و إنما نتذكر قول الله تعالى : "إنك لا تهدي من أحببت و لكن الله يهدي من يشاء"...يجب أن يكون بصرنا متوجها نحو الآخرة، حيث نلقى أحبتنا و حيث السعادة المطلقة...فالحياة لا تساوي جناح بعوضة، هكذا يجب أن يكون تفكيرنا...فما يهم كل ما يهم العمل الصالح...و بالله التوفيق...