مديرية بعدان وهي تعتبر من
المناطق الغنية بالكنوز
الحضارية والمواقع الأثرية
والتي تشتهر بها محافظة إب
وقد ورد اسم بعدان في كتاب
البلدان اليمانية عند ياقوت
الحموي للقاضي إسماعيل
الأكوع أن بعدان (بالفتح ثم
السكون ودال مهملة وألف
ونون) مخلاف باليمن،
وقد ورد تحديد موقع وحدود
مديرية بعدان في
موسوعةاليمن السكانية بأن
موقعها في محافظة إب
وتحدها من الشمال مديريات
السدة والمخادر والشعر، ومن
الجنوب مديريتي السبرة وإب،
ومن الشرق محافظة الضالع
(مديرية قعطبة) ومديريتي
الشعر والنادرة، ومن الغرب
مديرية إب ومساحتها 260كم
وعدد سكانها (116.120
)نسمة، وقد وصف القاضي
محمد علي الأكوع بعدان في
الجزء الثاني من (الإكليل)
بأنه مخلاف عظيم البركة نقي
الهواء خصب التربة وتشمل
مديرية بعدان على أربعة عشر
عزلة وهي كما وردت في
التقسيم الإداري: بني منصور،
بني عواض، جرانة، الحرث،
الحيث، حيسان، خبالي،
الدعيس، دلال، ذي قحم، سير،
والعذارب، المشكي، والمنار.
وجميع هذه العزل توجد فيها
الكثير من القرى ذات المزارع
الجبلية والمناظر السياحية
الخلابة كما توجد فيها العديد
من المواقع الآثرية التاريخية
من قبل الإسلام وبعده ولاشك
أن مديرية بعدان من المديريات
الواعدة بمستقبل سياحي
زاهر إذا استطعنا أن نوجد
فيها خدمات ومنشآت سياحية
متنوعة وأن نحول قصورها
ومواقعها الآثرية إلى وسائل
للجذب السياحي، ومن أهم
معالم مديرية بعدان:
حصن حب:حَبّ بفتح الحاء
وتشديد الباء وهو من أشهر
حصون اليمن على الإطلاق
وموقعه في عزلة سِبرَ بكسر
السين وفتح الراء ويقال أن
قبر ذي رعين الحميري يوجد
بها كما ذكر القاضي حسين
أحمد السياغي ف كتابه
(معالم الآثار اليمنية)، وقد
وصف الحصن القاضي
القاضي محمد علي الأكوع
في تحقيقه لكتاب (تاريخ
اليمن) (المسمى المفيد من
أخبار صنعاء وزبيد لنجم الدين
عمارة) بأنه الحصن الأشم
والمعقل الأعظم الذي يناطح
السماء ويناغي النجوم، وحول
حصن حَبّ العديد من القرى
الجميلة الزاهية الخضراء،
المكسوه بالأشجار وقد أنطلق
منه السلطان داوود الملك
الرسولي يوسف بن عمر
الرسولي للسيطرة على
المناطق الجبلية بعد قتل
والده، وقد تسلمه عام648هـ
وقد مدحه جمال الدين محمد
بن حمير:
وسار إلى حَبّ وحَبّ يحبه
وما حَبّ يعصيه ولو شاء ما
قدر
حصون أتته وهي بالشرع
إرثه
وبالسيف ليس السيف إلا لمن
قهر
وقد مدح حصن حَبّ الأديب
الشاعر جمال الدين العطاب
الترخمي بقوله:
كل الحصون له تطاطئ هيبةً
وتكاد كل الأرض منه تمور
فكأنه مثل الأمير وكلما
في الأرض من حصن له مأمور
أكرم به من قلعة ما أن لها
يوماً بأكناف البلاد نطير
حصن المنار: هو من الحصون
التاريخية اليمنية الحصينة
والذي يقع في عزلة المنار
في مديرية بعدان وقد ذكر
المرحوم القاضي حسين
السياغي في كتابه معالم
الآثار اليمنية أن في حصن
المنار آثار عجيبة وفي أعلاه
مخازن الماء العظيمة ويوجد
فيها خندق يفصل بين الحصن
والجبل من أعلى الجبل إلى
أسفله ويمتد هذا الخندق مأتين
ذراع والطريق إلى الحصن
منحوتة في نفس الجبل
ويوجد فيه السد الحميري
المشهور سد عتار الذي طوله
ستمائة ذراع وعرضة ستون
ذراعاً ويسقي أكثر أراضي
وادي المنار، وقد ورد في
نتائج المسح السياحي بأن
النار كانت تشعل في رأس
حصن المنار عندما كان يريد
أي ملك من ملوك اليمن
الاجتماع بالقبائل اليمنية، ويتم
أيضاً إشعال النار في رؤوس
الجبال الموازية لحصن المنار
فكان إشعال النار في رأس
حصن المنار وسيلة من وسائل
الإتصال في تلك العصور
القديمة، وقد ذكر القاضي
محمد الحجري في كتابه
(مجموع بلدان اليمن وقبائلها)
أن في عزلة المنار في قرية
نوادة قبر سام بن نوح عليه
السلام.
جبل قناصع: ويوجد في عزلة
دلال وصِفَ بأنه جبل وعر
المسالك وليس له إلا طريق
واحدة ويوجد في قمته عين
للماء منجورة في صخرة
الجبل كما يتواجد في الجبل
عدد من الكهوف ويحيط به
العديد من الحصون القديمة.كما
يوجد في مديرية بعدان العديد
من المدارس الإسلامية والتي
تخرج منها العديد من العلماء
والفقهاء، ومن أهمها:
مدرسة حَقْلَه: بفتح الحاء
وسكون القاف وفتح اللام في
منطقة المقاطن في مديرية
بعدان والتي ورد وصفها في
كتاب المدارس الإسلامية
للقاضي إسماعيل الأكوع
ولاتزال إطلالها باقية إلى
اليوم حيث تعرضت للدمار
والإهمال وقد بنيت على نسق
معماري جميل على نسق
الطابع المعماري الإسلامي
الذي كان سائداً في عهد
الدولة الرسولية وقد درّس
فيها الفقيه المقرئ عمران بن
أحمد عمران المتوفى عام 827
هـ ودرّس بها أيضاً أحمد بن
مطهر بن محمد بن موسى
الحميري والمتوفى 830هـ،
ودرّس فيها المؤرخ
عبدالوهاب بن عبدالرحمن
البريهي صاحب كتاب (بهجة
الزمن لتاريخ اليمن) المتوفى
في أواخر المائة التاسعة
الهجرية وقد ذكر القاضي
إسماعيل الأكوع بأن تاريخ
البريهي الكبير هو ثلاثة
مجلدات وذكر في حواشي
كتابه (المدارس الإسلامية) أنه
تم شراؤه لمكتبة الجامع
الكبير بصنعاء.
مصنعة سير: ذكرها القاضي
إسماعيل الأكوع في كتابه
(هجر العلم ومعاقله في
اليمن) ووصفها بأنها كانت من
معاقل العلم الشهيرة في
محافظة إب وتقع في وادي
سير وقد كانت مملوكة لبني
عِمران وقد كانت مشهورة
بالعلماء والأدباء والمصنفين،
وكانت قبلة العلماء والمتعلمين
وقد كان بنو عمران ينفقون
على من يقصد مصنعة سير
أموالاً طائلة وقد أوقفوا على
العلماء والمتعلمين في مصنعة
سير أراضي خصبة في حيمة
تعز، وقد ذكر أنها كانت
مزدهرة إلى عام 697هـ
حتى نُكِب بنو عمران في عهد
الملك المؤيد الرسولي وقد
كانت نكبتهم نكبة للعلم
والعلماء في تلك الفترة
الزمنية من تاريخ الدولة
الرسولية وقد ذكر الجندي
في كتابه (السلوك) بأن
مصنعة سير قد رثيت بالعديد
من القصائد وقد أورد لها
القاضي إسماعيل الاكوع
صورة فوتوغرافية توضح بقية
أطلالها، وقد ترجم لأثنين
وثلاثين عالماً - في كتابه
(هجر العلم ومعاقله في
اليمن) - من علمائها أغلبهم
من بني العِمراني وأشهرهم
حسان بن أسعد بن محمد بن
موسى العمراني، والذي تولى
الوزارة للأشرف عام 694هـ
وأستمر وزيراً لها حتى نكبوا
في عهد السلطان المؤيد
الرسولي.