سُبُلْ الهجرة إلى الله
إن أول مرحلة فى سبيل الهجرة إليه سُبْحانه وتعالى إنما هى النية الخالصة لوجهه الكريم ، يقول صلوات الله عليه " إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ مانوى ؛ فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يُصيبها أو إمرأة ينكحها ؛ فهجرته إلى ما هاجر إليه ".
فإذا ماتوجهت النية إلى الله سُبحانه وتعالى كانت الأعمال هجرة إليه ، أما إذا لم تتوجه النية إليه فإن الأعمال تكون هباء مثورا.
والمؤمن يهاجر إلى الله بعلمه ويهاجر إليه بعمله الخير على أن العبادات الإسلامية على تعددها واختلافها ؛ إنما هى تنسيق وتنظيم لأنواع وألوان من الهجرة إلى الله سبحانه وتعالى تسمو بالمؤمن صعدا إلى الصلة بالله عز وجل ، وإلى النعيم فى رضوانه وإلى السعادة فى رحابه.
فالصلاة : فرار من البيئة والجو والمادة إلى الوقوف بين يدى الله ومناجاته لحظة من الزمن فهى هجرة إلى الله.
والزكاة : إنفصال عن جزء من المادة تقربا إلى الله فهى ذذهاب إليه
والصوم : إبتعاد عن المادة فترة من الزمن وتزكية للنفس وقربى إلى الله فهو ذاهب إليه.
أما مناسك الحج : فإنها صور من التجرد بلغت الذروة وتبلورت فى النداء الكريم لبيك الله ما لبيك ونحن مأمورون بالفرار إلى الله ، أى الهجرة إليه " ففروا إلى الله إنى لكم منه نذير مبين ".
وسيدنا إبراهيم عليه السلام قال " إتى مهاجر إلى ربى إنه هو العزيز الحكيم " وقال " إنى ذاهب إلى ربى سيهدين "
والفرار إلى الله عز وجل والهجرة إليه من صفات المؤمنين الصادقين إنهم يفرون إلى الله ويهاجرون إليه يوميا فهو هدفهم وغايتهم فى جميع أعمالهم.
إن الصورة التامة الكاملة للهجرة الإسلامية الكبرى إنما تتمثل فى أروع مظاهرها فى قوله تعالى : " قل إن صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين ، لاشريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين "