الحمد لله رب العالمين ، و
الصلاة و السلام على سيدنا
محمد سيد
الأولين و الآخرين ، و على
آله و صحبه و من اهتدى
بهديه إلى يوم الدين
فضل البكاء من خشية الله
أخي في الله.. متى كانت
آخر مرة بكيت من خشية الله
متى كانت آخر مرة سقطت
من عينيك دمعة واحدة فقط
شعرت بحرارتها في
قلبك قبل أن تشعر بحرارتها
على وجنتيك ؟؟
لم قسوة القلب أخي ؟؟ لم
قسوة القلب أختي ؟؟ لا.. إن
قلبك ليس
قاسيا أتدري لم ؟؟ إنك لم
تفقد القدرة على البكاء فقد
بكيت من قبل
بكيت عند فراقك لشخص
عزيز عليك.. و أنتي أخية..
ألم تبكي من
قبل لمنظر مؤثر أو حتى
لمشهد من فيلم ؟؟
إذن فالقلب يرق و العين
تدمع.. و لكن المعصية حجبت
عنا رؤية فضل
البكاء من خشية الله.. فحُرمنا
حلاوته.. لم لا نحاول أن
نستعيد
هذه الأيام.. قال عز و جل: {
أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا
أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ
وَمَا نَزَلَ مِنْ
الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا
الْكِتَابَ مِنْ
قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمْ الأَمَدُ فَقَسَتْ
قُلُوبُهُمْ } [
الحديد / 16 ] ألم يأن لنا أن
نعود لتلين قلوبنا ؟؟ ألم يأن
لنا أن
نحاول إستعادة رقة القلوب
عندما كنا حديثي عهد بالتوبة..
أنظر أخي إلى فضل البكاء
من خشية الله..
قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : " لا يلج النار
رجل بكى من
خشية الله حتى يعود اللبن
في الضرع " رواه الترمذي.
قطرة من دموع خشية الله ،
وقطرة دم تهراق في سبيل
الله... " رواه
الترمذي ، وصححه الشيخ
الألباني.
و انظر إلى بكائه و هو سيد
البشر صلى الله عليه وسلم
فعَن عبد اللَّه بنِ الشِّخِّير -
رضي اللَّه عنه - قال : أَتَيْتُ
رسُولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ
وسَلَّم وَهُو يُصلِّي
ولجوْفِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ المرْجَلِ
مِنَ البُكَاءِ. رواه أحمد
، والنسائي وهذا لفظه ، وأبو
داود بلفظ "... كأزيز الرحى "
، وصححه
الشيخ الألباني
المِرْجل : القِدر الذي يغلي
فيه الماء.
و عن أم المؤمنين عائشة -
رضي الله عنها : أن رسول
الله صلى الله
عليه وسلم قام ليلة يصلي:
فتطهر ، ثم قام يصلي.
قالت : فم يزل يبكي ، حتى
بل حِجرهُ !
قالت : وكان جالساً فلم يزل
يبكي صلى الله عليه وسلم
حتى بل لحيته !
قالت : ثم بكى حتى بل
الأرض ! فجاء بلال يؤذنه
بالصلاة ، فلما رآه
يبكي ، قال : يا رسول الله
تبكي ، وقد غفر الله لك ما
تقدم من ذنبك
وما تأخر ؟! قال : " أفلا
أكون عبداً شكورا ؟! لقد
أنزلت علي الليلة
آية ، ويل لم قرأها ولم
يتفكر فيها ! { إِنَّ فِي خَلْقِ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ... } الآية
كلها [ آل عمران / 190 ] "
رواه
ابن حبان وغيره ، وصححه
الشيخ الألباني.
و انظر إلى بكاء الصحابة
فعن أنس رضي الله عنه قال
: خطب رسول الله صلى الله
عليه وسلم خطبة
ما سمعت مثلها قط فقال : "
لو تعلمون ما أعلم لضحكتم
قليلا ولبكيتم
كثيراً " ، فغطى أصحاب
رسول الله صلى الله عليه
وسلم وجوههم ولهم
خنين " رواه البخاري ،
والخنين : هو البكاء مع غنّة.
وبكى معاذ رضي الله عنه
بكاء شديدا فقيل له ما يبكيك
؟ قال : لأن
الله عز وجل قبض قبضتين
واحدة في الجنة والأخرى في
النار ، فأنا لا
أدري من أي الفريقين أكون.
وبكى الحسن فقيل له : ما
يبكيك ؟ قال : أخاف أن
يطرحني الله غداً في
النار ولا يبالي.
وعن تميم الداري رضى الله
عنه أنه قرأ هذه الآية : { أم
حسب الذين
اجترحوا السيئات أن نجعلهم
كالذين آمنوا وعملوا الصالحات
} [
الجاثية / 21 ] فجعل يرددها
إلى الصباح ويبكي.
وخطب أبو موسى الأشعري
رضي الله عنه مرة الناس
بالبصرة : فذكر في
خطبته النار ، فبكى حتى
سقطت دموعه على المنبر !
وبكى الناس يومئذ
بكاءً شديداً.
وقرأ ابن عمر رضي الله
عنهما : { وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ } [
سورة
المطففين :1 ] فلما بلغ : {
يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ
الْعَالَمِينَ } [ سورة المطففين
:6 ] بكى حتى خرَّ وامتنع
عن قراءة
ما بعده.
عن نافع قال : كان ابن عمر
إذا قرأ { ألم يأن للذين آمنوا
أن تخشع
قلوبهم لذكر الله } [ الحديد /
16 ] بكى حتى يغلبه البكاء.
وقال مسروق رجمه الله : "
قرأت على عائشة هذه الآيات :
{ فَمَنَّ
اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ
} [ الطور / 27 ]
فبكت ، وقالت " ربِّ مُنَّ وقني
عذاب السموم ".
بكى أبو هريرة رضي الله
عنه في مرضه. فقيل له : ما
يبكيك ؟! فقال :
" أما إني لا أبكي على
دنياكم هذه ، ولكن أبكي على
بُعد سفري ، وقلة
زادي ، وإني أمسيت في
صعود على جنة أو نار ، لا
أدري إلى أيتهما
يؤخذ بي !! ".
و انظر لبكاء السلف الصالح
هذا إسماعيل بن زكريا يروي
حال حبيب بن محمد - وكان
جارا له - يقول
: كنت إذا أمسيت سمعت بكاءه
وإذا أصبحت سمعت بكاءه ،
فأتيت أهله ،
فقلت ما شأنه ؟ يبكي إذا
أمسى ، ويبكي إذا أصبح ؟!
قال : فقالت لي :
يخاف والله إذا أمسى أن لا
يصبح و إذا أصبح أن لا يمسي.
وحين عوتب يزيد الرقاشي
على كثرة بكائه ، وقيل له :
لو كانت النار
خُلِقتْ لك ما زدت على هذا ؟!
قال : وهل خلقت النار إلا
لي ولأصحابي
ولإخواننا من الجن و الإنس ؟؟.
وحين سئل عطاء السليمي :
ما هذا الحزن قال : ويحك ،
الموت في عنقي ،
والقبر بيتي ، وفي القيامة
موقفي وعلى جسر جهنم
طريقي لا أدري ما
يُصنَع بي.
وحدث من شهد عمر بن عبد
العزيز وهو أمير على المدينة
: أن رجلاً قرأ
عنده : { وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا
ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ
دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا } [ الفرقان
: 13 ] فبكى حتى غلبه
البكاء ، وعلا نشيجه ! فقام
من مجلسه ، فدخل بيته ،
وتفرَّق الناس.
أخوتاه.. فلنوجه هذا السؤال
لأنفسنا للآن.. إذا كان هذا
حالهم و
هم من هم.. فما حالنا نحن ؟؟
ألم يأن لنا أن تخشع قلوبنا
لذكر الله
؟؟ ألم يأن لنا أن نخشع في
صلاتنا ؟؟ ألم يأن لنا أن تدمع
أعيننا من
ذكر الملك عز و جل ؟؟
فلنجدد نوايانا و لنجدد توبتنا
بارك الله
فيكم..
اللهم إنا نتوسل إليك بك
ونقسم عليك بذاتك
أن ترحم وتغفر لمعدها
وقارئها ومرسلها وناشرها
وآبائهم وأمهاتهم وأبنائهم
وبناتهم وأزواجهم وزوجاتهم
وذريتهم وأحبائهم أجمعين
وعموم المسلمين والمسلمات.
آمين