بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفزع إلى ملك الملوك, هو شعار المؤمنين الصادقين،وغاية المخلصين،فهم قد علموا أن ربهم تعالى قريب ممن اعتصم به ، وولي من التجأ ببابه،التوكل طمأنينة القلب,وتفويض الأمر إلى الله جل ثناؤه، والثقة والتعلق به,إن خرجت من بيتك,وعزمت على أمر من الأمور في طلب رزقك هل تتوكل على الله,وإن نزلت بك المصائب هل تفوض أمرك إلى الله,التوكل على الله ضعفت في قلوب الكثيرين ممن ملأ قلوبهم حب الدنيا،حتى أصبح هؤلاء الغافلون يربط الواحد منهم رزقه ونفعه وضره بالمخلوق,وعلامة التوكل الصادق,أن يكون الله عز وجل هو ثقته,قال تعالى(وعلى الله فليتوكل المؤمنون)وأخبرك الله تعالى أنه كافيك أمرك إذا توكلت عليه,قال الله تعالى(ومن توكل على الله فهو حسبه)فهو تبارك وتعالى حي لا يموت,لا يعجزه شيء في ملكه, ومن توكل عليه عز وجل لم يحتج إلى غيره,وقال تعالى(وتوكل على الحي الذي لا يمون) فأعلمك أنه لا يموت، وأنَّ جميع خلقه يموتون،وأن تفوض أمرك إلى الغني, الذي ليس كمثله شيء,فإن من فوض أمره إلى الله لم ينقلب إلاَّ بخير,وما أحوجك أيها الضعيف إلى نصر الله وتوفيقه وإعانته، فإنك إذا وكلت أمورك إلى الله تعالى, فقد وكلتها إلى من لا يغفل ولا ينام, ومن لا ينساك,ولكن مع سيطرة الغفلة على القلوب؛ ترى الكثيرين بعيدين عن تفويض أمورهم إلى الله تعالى,وهو ناس الإعتصام بربه والتوكل عليه,لكل واحد مقام, فمتوكل على ماله، ومتوكل على نفسه، ومتوكل على لسانه، ومتوكل على سيفه، ومتوكل على الله, فأما المتوكل على الله, فقد رفع قدره، وأما المتوكل على غيره, يوشك أن ينقطع به فيشقى,إذا طلب الرزق نسي الرزاق ذا القوة المتين,وإذا مرض نسي النافع عز وجل( وإِذَا مرِضت فهو يشفِينِ)وإذا نزل به الضر نسي كاشف الضر(وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا)فيا من نسيت الوكيل,مالك الملك, فكم من أناس نزلت بهم شدائد, فلما توكلوا على الله انكشف,ونزل الخير والفرج,وكم من أناس ضاقت عليهم في طلب الرزق, فلما توكلوا على الرزاق,فتح عليهم من خزائن رزقه,لقد عاش الصالحون حياتهم, وقد فوضوا أمرهم إلى الله تعالى, ووضعوا حوائجهم بين يدي من لا تأخذه سنة ولا نوم, فاطمأنت النفوس وارتاحت من تعب الالتفات لغير الله تعالى,وقال عمر بن الخطاب, ما أبالي على أي حال أصبحت، على ما أحب، أو على ما أكره، لأني لا أدري الخير فيما أحب، أو فيما أكره,وقال رجل لحاتم الأصم رحمه الله, من أين تأكل, فقال(ولله خزائن السماوات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون)هذه حياة الصالحين, الذين امتلأت قلوبهم بالتوكل على الله تعالى,واليقين الصادق, أن الله تعالى بيده الحكم والأمر,وإياك أيها العاقل أن تكون من أولئك الذين ضعفت في نفوسهم عقيدة التوكل على الله تعالى فتراهم؛ حيارى,متخبطين.فحاسب نفسك ولا تغفل,وإياك أن تفهم أن من أخذ بالأسباب فإن ذلك ينافي التوكل,قال ابن القيم, التوكل من أعظم الأسباب التي يحصل بها المطلوب، ويندفع بها المكروه،والتوكل متعلق بربوبيته وقضائه وقدره,
اللهم اجعلني من المتوكلين عليك الفائزين لديك المقربين إليك بإحسان.